القرارات الدولية بشأن السودان والمستقبل السياسي

بلا قناع
شهد السودان عددًا من القرارات الدولية التي أثرت على مستقبله السياسي، وضع على إثرها السودان تحت بنود العقوبات والحظر منذ العام 1990م، وذلك عقب وصول الإخوان المسلمين للسلطة عبر انقلاب “الإنقاذ”، ذلك الانقلاب الذي ألقى بظلال ثقيلة على المشهد السوداني، حيث استمرت العقوبات منذ تلك الفترة مع زيادة وتيرة البطش السلطوي، وتوغل الإسلام السياسي في السودان
وتنفيذ” المشروع الحضاري” والتركيز مع الحروب التي تخوضها الجماعة ضد المتمردين والجهويات التي اتهمت فيها بارتكاب جرائم حرب واسعة في العام 2003م في إقليمي دارفور وجبال النوبة.
ونتيجة لهذه الجرائم أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد قيادات الحركة الإسلامية، إلا أن هذه القيادات لم يتم تسليمهم حتى الآن للعدالة. ولم تغلق تلكم الملفات لدى الجهات الدولية.
ومع اندلاع ثورة ديسمبر 2018م التي استمرت حتى 2023م شهد السودان بريق آمل، حيث تزامن ذلك مع رفع العقوبات الدولية وإرجاع السودان للنادي العالمي ولكن سرعان ما حدث انقلاب عسكري على سلطة التوافق المدنية المنوط بها مشروع التحول المدني الديمقراطي الذي يدعم من المجتمع الدولي ذاته. وحتى بعد الانقلاب لم يتراجع عنه المجتمع الدولي بل اعتمد خططا بديلة لمواصلة الضغط خاصة مع تصاعد وتيرة الحرب.
وقد صدرت المزيد من القرارات الدولية التي عززت العزلة على الأطراف المتورطة بما في ذلك قائدي الحرب في السودان.
ويستمر المجتمع الدولي لإصدار مذكرات جديدة بشأن متورطين آخرين في الحرب وجرائمها الأرهابية في الأحداث الأخيرة في الجزيرة والمدن الأخرى
فإن تلكم القرارات كلها أرهقت كاهل السودانيين وكانت خصمًا من دولتهم التي أنهت تاريخها القديم بالانهيار بدلًا عن التقدم والازدهار فكان التراجع إلى الخراب، الدمار، والحروب التي أصبحت ديباجة في أرض السودان، فبعد كل تلك القرارات وتأثيرها الجيو سياسي إلا أن المشهد الداخلي ظل معزولًا وحيدًا من العالم يتمرجح ما بين معسكر الشرق والغرب، ومعتمدًا على شرعية الأمر الواقع المنتهية الصلاحيات أمام الشرعية التي يؤسس لها المجتمع الدولي في مستقبل السودان فوفقًا لتلكم القرارت الطويلة وتأثيرها سيكون لها أثر مباشر في المستقبل السياسي الذي لم يهمل فيه الماضي الأليم حتى من قبل المجتمع الدولي الذي ينتهج سياسية السلم والأمن الدوليين، فهو لا يسمح مجددًا بتمكين العنف والدكتاتوريات في العالم الذي ما يزال قائمًا بعزل قيادات الجماعة وأمراء حربهم بقصد أن يفسح المجال لمستقبل السودان المأخوذ من أحلام وتطلعات السودانيين الذين عبروا عنه في آخر محفل ثوري سلمي هو راسخ في تقدير العالم.
إن بناء مستقبل سياسي مستدام للسودان يستلزم التوافق مع القرارات الدولية المتراكمة على مدى العقود الماضية ولا يمكن تحقيق هذا المستقبل إلا من خلال وقف الحرب، في الأيام القليلة القادمة. وإن تنفيذ مشروع السودان الجديد قائم فقط
ويكون في الحدود الجغرافية المتعارف عليها بمعزل عن الفاعلين في الحرب خاصة، وخروج جميع الأطراف المسلحة من المؤسسة العسكرية. وإعادة بناء وهيكلة وتأسيس لحياة سياسية دون عنف، مستلهمة من نماذج ناجحة مثل نموذج المملكة الهاشمية..
هل هي وصفة تصلح في السودان؟
وهو محور مقالنا القادم