«أمل العودة»

رغم هشاشة الوضع.. ملايين السودانيين يحلمون بالعودة إلى ديارهم

النساء هن الأكثر عرضة لمخاطر العودة والتأثر بآثار الحرب

ولاية الخرطوم تتصدر قائمة النازحين في كافة ولايات السودان

بورتسودان: أفق جديد

يحلم ملايين السودانيين بالعودة إلى ديارهم بعد عام وتسعة أشهر من الحرب التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ويمثل هؤلاء الملايين أكبر عدد من النازحين داخليا وخارجيا في العالم.

ويواجه السودانيون أزمة مزدوجة تتمثل في النزوح والمجاعة، حيث يواجه نحو 25 مليون سوداني انعدام الأمن الغذائي دون أي تدخل حقيقي لتقديم المساعدات الإنسانية.

في المقابل، تشير إحصائيات الأمم المتحدة الأخيرة إلى أن أكثر من 12 مليون سوداني نزحوا بسبب الحرب، ونحو 3 ملايين آخرين لجأوا إلى الدول المجاورة ودول أخرى.

تقول السيدة هويدا محمد لـ«أفق جديد» إن العودة هي الأحلام التي تراودها منذ أن غادرت منزلها في منطقة الكلاكلة جنوب الخرطوم في مايو 2023.

وكانت الحياة صعبة بالفعل على هويدا وأطفالها الأربعة، حيث انتقلت إلى مدينة مدني بولاية الجزيرة، ثم إلى ولاية نهر النيل مقيمة في مدرسة لإيواءالوافدين، ومن هناك إلى مدينة حلفا بالولاية الشمالية.

وفي حديثها، ترى هويدا أن دخول الجيش إلى مدينة بحري وتحركه للسيطرة على الخرطوم يحقق جزءاً من أحلامها بالعودة إلى الوطن، لكن مع ذلك تسيطر عليها المخاوف من عمليات الانتقام على عناوين الأخبار لدى العائدين، وتتزايد اتهامات من تبقى بالتعاون مع الطرف الآخر.

وترى أستاذ علم الاجتماع بعدد من الجامعات السودانية الدكتور حنان نصر الدين، أن التوقعات المرتبطة بعودة الأسر بعد سيطرة الجيش على مناطق واسعة في بحري والخرطوم ليست جيدة في الوقت الحالي.

وتعزو ذلك في حديثها لـ«أفق جديد» إلى الآثار التي تركتاه المعارك بجانب فقدان الأملاك وتدمير المنازل والنبى التحتية كلها آثار غير قابلة للتجاوز لدى كثير من الناس.

وتؤكد أن الرغبة العاطفية الحالية للعائلات بالعودة إلى مناطقها “منطقية” لكنها تخفي وراءها تداعيات مستقبلية عند رؤية الواقع الذي يشكل خطرا أكبر خاصة على النساء والأطفال.

ومن وجهة نظر حنان، فإن النساء يتأثرن بشكل خاص أثناء العودة، باعتبارهن الأكثر تضرراً من الحرب، إضافة إلى إمكانية اتخاذ قرارات خطيرة تتعلق بعدم توفير المدارس للأطفال أو إخراجهم للعمل في ظل الظروف التي خلفتها الحرب.

وتأتي ولاية الخرطوم في صدارة الولايات التي نزح سكانها بسبب الحرب بنسبة 36% وفقا لاحصائيات أطلعت عليها “أفق جديد” وجاءت الولاية الثانية من نصيب جنوب دارفور وخاصة بنسبة نزوح بلغت 21 بالمئة. فيما سجلت شمال دارفور12 بالمئة.

وفي سياق متصل، يرى المعلم الثانوي أحمد النذير فؤاد، في حديث لـ«أفق جديد»، أن العودة رغم الظروف الخطيرة تأتي نتيجة طبيعية لرغبة الأهالي.

ويشير في حديثه إلى أن الأسر مثقلة بأمرين، الحرب وتكاليف النزوح واللجوء بعد خسارة كل شيء، معتبراً أن العودة بكل المعايير والظروف المحيطة هي الخيار الأفضل للعديد من الأسر.

وشدد فؤاد على أهمية إعادة الوعي للمقاتلين وعدم الاعتداء على المدنيين وحرمانهم من حقوقهم بحجة “التحرير وشعارات الحرب التي دمرت البلاد وشردت أهلها”، حسب قوله.

ونزح سكان ولايات الخرطوم وشمال وجنوب دارفور وولايات أخرى مثل الجزيرة وأجزاء من ولاية النيل الأبيض وسنار والنيل الأزرق إلى 8,238 موقعًا مختلفًا في 183 محلية في جميع الولايات الثماني عشرة.

وتتصدر قائمة الولايات المستضيفة ولاية جنوب دارفور ثم شمال دارفور تليها وسط دارفور وبعدها القضارف والولاية الشمالية ونهر النيل.

وتؤكد التقارير المختلفة أن ثلث النازحين بنسبة 36% هم من ولاية الخرطوم ونزحوا إلى جميع الولايات المختلفة خاصة ولايات نهر النيل والشمالية لاعتبارات جغرافية حيث كانت تلك الولايات المخرج الوحيد لهم بدلا عن خطورة التنقل للخرطوم جنوبا.

وشهدت بعض الولايات مثل شمال وجنوب دارفور نزوح على مرتين في الولاية نفسها بعد النزوح الاول خلال حرب دارفور 2003 ثم تاليا حرب 15 أبريل 2023.

وتُشير تقارير أممية إلى ولادة أكثر من 333 ألف طفل في السودان خلال الفترة الماضية، يحتاجون هم وأمهاتهم إلى رعاية خاصة عند الولادة وهو ما يجعل أمر العودة في ظل افتقار الخدمات أمرَا محفوفا بالخطر.

بالنسبة للكثيرين فإن العودة مع تضاؤل فرص العمل والسياسات التي تنتهجها حكومة بورتسودان لتوجيه الميزانية للحرب تمثل واقعاً مؤلماً وكارثياً بعد أن فقدوا كل شيء وعدم وجود اهتمام أو اهتمام من قبل الجهات الحكومية بتعويضهم أو تقديم بعض المساعدات لهم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى