من الوباء الي الكارثة.. بحر أبيض تحت وطأة تفشي الكوليرا
أفق جديد
ما زالت مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، تعاني أوضاعًا صحية بالغة التعقيد بسبب تفشي وباء “الكوليرا”، وتكدس المرضى داخل المستشفى، وغلاء أسعار الأدوية والمحاليل الوريدية.”
“الوضع في مدينة كوستي يمضي من سيئ إلى أسوأ بسبب تفشي وباء الكوليرا”، يقول المواطن عيسى الفاتح (46 عامًا) لـ”أفق جديد”، ويمضي قائلًا: “الوضع يحتاج إلى تدابير صحية إضافية.”
وأبلغت مصادر طبية “أفق جديد”، أن الوضع الصحي بمدينة كوستي استقر بشكل كبير، وحالات الكوليرا التي وصلت إلى المستشفى بلغت أكثر من 1300 حالة، توفى منهم نحو 60 حالة.”
ووفق المصادر الطبية، فإن عدد الحالات في مستشفى كوستي حوالي 100 مريض.”
وقالت المواطنة آمنة مدني (47 عامًا)، لـ”أفق جديد”، “يتكدس المرضى تحت ظلال الأشجار. نشتري عبوة المحاليل الوريدية بـ10 ألف جنيه.”
وأوضحت آمنة في حديثها لـ”أفق جديد”، أن وباء الكوليرا أدخل مدينة كوستي في أزمة صحية كبيرة، في ظل انقطاع الكهرباء والمياه.”
من جهته قال المواطن فخر الدين عباس، لـ”أفق جديد”، “الوضع الصحي في طريقه إلى الاستقرار، لكن القضاء الكامل على الكوليرا يحتاج إلى وقت أطول.”
وأضاف، “بذلت وزارة الصحة، والمنظمات الأخرى، جهودا كبيرة لاحتواء الوباء لكن الخطر ما زال قائمًا.”
وتابع، “المدينة ما زالت تحتاج إلى المياه النظيفة، لعدم تكرار المشكلة مرة أخرى.”
وفي 22 فبراير الجاري، كشفت وزارة الصحة، عن ارتفاع إصابات ووفيات الكوليرا إلى 1409 حالات خلال ثلاثة أيام في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض.
واضطر الأهالي إلى جلب أسرّة من المنازل لتنويم المرضى في ساحة مستشفى كوستي الخارجية، فيما افترش آخرون الأرض بعد تكدس عنابر المشفى وسط مخاوف من خروج الوضع عن السيطرة.
وقالت وزارة الصحة في بيان، إن “إجمالي إصابات الكوليرا في كوستي بلغ 1351 حالة، بينما ارتفعت الوفيات إلى 58 حالة خلال ثلاثة أيام.”
في المقابل قدمت شبكة أطباء السودان إحصائية مختلفة قالت فيها إن الوفيات بلغت 83 حالة، فيما وصلت الإصابات إلى 1197 حالة، تعافى منهم 259 شخصًا.”
ووصفت الوضع في الولاية بالكارثي، داعية السلطات الصحية إلى فتح مراكز إضافية، وتوفير الأسرّة بسبب تزايد حالات الإصابة، وتكثيف حملات التوعية، وتطهير الأسواق، ومنع توزيع المياه بالطرق التقليدية.”
ومنعت السلطات نقل المياه من النيل الأبيض عبر العربات التي تجرها الدواب، بعد أن باتت المصدر الوحيد لاحتياجات السكان قبل إعادة تشغيل محطة المياه.
وكشفت وزارة الصحة الاتحادية عن قيامها بتدخلات استجابة فورية، منها إعادة تشغيل مياه كوستي الرئيسية، وتنفيذ حملة تطعيم، وتأمين 40 ألف وحدة من المحاليل الوريدية وزيادة سعة مركز العزل.
وأعلنت عن تفعيل قانون الصحة العامة للطوارئ بإغلاق الأسواق والمدارس والمحلات التجارية، وتنفيذ حملات الإصحاح البيئي، وتطبيق الاشتراطات والاحترازات الصحية.
أرجعت وزارة الصحة انتشار الكوليرا في كوستي إلى مياه الشرب الملوثة، بعد توقف محطة المياه الرئيسية في المدينة نتيجة استهداف قوات الدعم السريع محطة “أم دباكر” لتوليد الكهرباء.
وقصفت قوات الدعم السريع في 16 فبراير الجاري، محطة كهرباء أم دباكر التحويلية، مما أدى إلى تدمير محول كهربائي وتضرر آخر، مما أثر على إمداد الكهرباء في مدينة كوستي وبقية ولايات النيل الأبيض.
ونشر ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صورا تُظهر أوضاعًا مأساوية في مستشفى كوستي، حيث يفترش المرضى الأرض تحت هجير الشمس وتتناثر ملابس المصابين والمحاليل الوريدية في أرجاء المرفق الطبي.
وفي 20 فبراير الجاري أعلن مسؤول في ولاية النيل الأبيض، إغلاق المدارس في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض في محاولة لمنع تفشي وباء الكوليرا على نطاق واسع بعد تخطي الحالات حاجز الـ400 حالة.
وتسبب انتشار الكوليرا في هلع وسط سكان المدينة الواقعة جنوب السودان، فيما بث ناشطون نداءات استغاثة إلى الكوادر الطبية للذهاب إلى مستشفى كوستي في ظل تكدس المصابين.
وقال وزير التربية والتوجيه المكلف بولاية النيل الأبيض، الطيب علي، في بيان، إنه “قرر إغلاق جميع المدارس ورياض الأطفال في مدينة كوستي لمدة أسبوع.”
وأرجع القرار إلى ظهور “حالات الإسهالات المائية خلال الساعات الماضية وتقييم وزارة الصحة في ولاية النيل الأبيض فضلا عن الحرص على سلامة المجتمع والطلاب والتلاميذ.”
وأفاد بأن وزارة التربية ستواصل عملية تقييم الوضع في كوستي ومناطق الولاية الأخرى بالتنسيق مع وزارة الصحة، تمديد إغلاق المدارس أو إعادة فتحها.”
وفي السياق، قالت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء، في تقرير ميداني إن “مستشفى كوستي استقبل خلال يومين أكثر من 600 حالة إسهال مائي، جلها إصابات بالكوليرا.”
وأفادت بأن مستشفى ربك استقبل 47 حالة كوليرا مؤكدة و110 حالات اشتباه، فيما بلغت الوفيات 9 حالات على الأقل.
وتعطل عمل ما يصل إلى 80% من المرافق الصحية في مناطق النزاع النشطة، فيما توقف عمل قرابة 45% من المرافق في المناطق الآمنة.
وشددت اللجنة على أن انتشار الكوليرا يمثل تحديًا إضافيًا للأزمة الصحية، في ظل نظام منهك يُكافح ارتفاع معدلات سوء التغذية وتزايد جرحى الحرب وتفشي أمراض يمكن الوقاية منها، وسط نقص حاد في المحاليل الوريدية والمستلزمات الطبية.
ودعت المنظمات الدولية، خاصة منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود والصليب الأحمر، إلى التدخل الفوري ودعم جهود وزارة الصحة والجهود الشعبية، من أجل السيطرة على الوباء وعدم انتقاله إلى ولايات أخرى.
وانتشر وباء “الكوليرا” بصورة واسعة في كوستي بسبب المياه الملوثة نتيجة لتوقف عمل معظم محطات مياه الشرب في المنطقة.