مسرح العبث في الحرب السودانية

من على الشرفة

طاهر المعتصم

taherelmuatsim@gmail.com

 

الأسبوع الماضي، الذي يشكل الأسبوع الأخير للسنة الثانية للحرب، كان مسرحًا للعبث دون شك، فبينما معسكر زمزم شمال دارفور غربي السودان، تتراص فيه جثامين المدنيين جراء الهجوم الغادر من قبل الدعم السريع، في واحدة من جرائم الحرب اللعينة، نطالع إعلان احتفال غنائي برعاية وزارة النفط وحضور والي البحر الأحمر، وتشريف عضو السيادة الانتقالي عبدالله يحيى، الذي صدر بيان من مكتبه بعدم علمه بفعالية مهرجان انتصارات معركة الكرامة، ودماء من نحسبهم شهداء بإذن المولى لم تجف في معسكر زمزم.

في الجزيرة مباشر رفقة الأستاذ أحمد طه، أطل علينا المهندس إبراهيم محمود، الرئيس بالإنابة لأحد فصائل حزب المؤتمر الوطني المحلول بموجب الوثيقة الدستورية، في حالة من البؤس والادعاءات المضللة حول أحداث كنا عليها شهود، في بضع سنوات أخيرة، حاول محمود بكل ما أوتي من قوة دفع كارثة إنشاء مليشيا للدعم السريع وإجازة قانونها في 2017 في البرلمان الذي يشكل حزبهم الأغلبية فيه، وتفاخر الرئيس المعزول البشير بهذه القوات، وإلغاء تبعيتها للقوات المسلحة (المادة خمسة) في أبريل 2019 بعد سقوط البشير، حاول وهو من يفتقد اللياقة السياسية لابتعاده مجبرًا باسم الثورة عليهم عن الملاعب، ففشل فشلًا ذريعًا في تقديم اعتذار أو مرافعة تحترم.

ثم توالت علينا مسببات الضيق، بظهور مستشار محمد حمدان دقلو المتهم بجرائم حرب، وعضو وفد التفاوض في مفاوضات جدة غير المباشرة، بين الجيش السوداني والدعم السريع حتى يونيو 2023، فارس النور مطلًا في بودكاست مع عزام، وبحسب ما روج قبل اللقاء عن اعتذار يقدمه أسوة برفيقه في الدعم السريع من 7 مستشارين أطلوا من مدينة بورتسودان قبل شهور، أو كيكل قائد (درع البطانة) في الدعم السريع، الذي تحول لقائد (درع السودان) الموالية للجيش، لكن فارس ذهب مذهب إبراهيم محمود في بؤس الخطاب وقلب الحقائق وتمجيد قائده السابق (حميدتي) قبل استقالته العام الماضي.

إبراهيم محمود وفارس النور ظهرا وكل يخاطب ليلاه ويبحث عن فردوسه المفقود، من السلطة والجاه، محمود وفصيله الحزبي الذي يخوض صراع مع فصيل علي كرتي وأحمد هارون، يحاول أن يخطب ود قيادة الجيش باحثًا عن موطئ قدم وإعادة عقارب الساعة، ليرضوا عنه .

فارس بعد استقالته وغيابه أكثر من سنة ونصف من الانتهاكات التي تقوم بها قوات الدعم السريع التي كان يشغل مستشار قائدها، وبعد أن تحالفت تلك القوات مع آخرين وأعلنت أنها بصدد تشكيل حكومة موازية، عقب ميثاق (تأسيس) في نيروبي قبل بضع شهور، يحاول في تقديري العودة للمشهد بحثًا عن استوزار على أشلاء الضحايا الأبرياء.

كلاهما يخاطب أشواقه، متناسيًا ما ارتكب في عهدهما من انتهاكات وفساد وإذلال للحرائر إبان فترة الثورة على نظام البشير والمؤتمر الوطني بالنسبة لمحمود، وأفظع من ذلك بعد إشعال حرب الخرطوم في 15 أبريل بالنسبة لفارس النور.

في تقديري أن مسرح العبث السوداني، ومفارقة المذكورين إعلاه من  إبراهيم محمود أو فارس النور، يبين الدرك الذي وصلنا إليه، والفتنة التي أسقط السودان فيها، هل يحتاج المشهد إلى هذه المشاهد، لتصفو الليالي بعد كدر كما قال الشاعر، المؤكد أن أهل السودان دفعوا أثمانًا غالية، واضحوا يعلمون صليحهم من عدوهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى