فلت العقال

الحرب.. هي الحرب
موت
ودمار وخراب
فقر وجوع
ذلة ومهانة
منذ الأزل
وقد قيل فيها (من السهل أن تشعلها ومن الصعب أن توقفها ومستحيل أن تنساها)، وقيل ( أسوأ ما فيها أننا نستخدم أفضل ما لدينا لنفعل أسوأ ما نستطيع).
ما الجديد.. الجديد أن كل ذلك قيل في حروب كانت أطرافها ملتزمة بقواعد الاشتباك وحريصة على حماية المدنيين، تفتح لهم المسارات الآمنة لكي يغادروا مناطق القتال، ينذروا قبل وقت كافٍ لإخلاء المواقع التي ستستهدفها القذائف، وكلنا نشاهد هذه الأيام ما يجري في لبنان والإعلانات تصدر عن إخلاء المربعات والبنايات، ولكن في “حرب الفجار” هذه أنظر ماذا ترى؟
الطيران يقصف الأسواق وأماكن التجمعات بلا رحمة ولا وازع وبعضنا يصفق وينادي بالمزيد.. مدفعية الدعم السريع تستهدف أحياء بانت وأبو روف وأحياء الثورات والفاشر وبعضنا يقول إنسان بانت ليس بأغلى من أبناء حي الجير في نيالا، وقد صدق وهو الكذوب، لأن الحقيقة تقول لا إنسان بانت استشير في حربكم هذه ولا أبناء حي الجير مستفيدين منها شيئا.
حرب حولت الأموات إلى أرقام، والأحياء إلى حطام، وكل يمشي ينتظر ساعته التي يمضي فيها إلى ربه ليشكو البرهان وحميدتي وعلي كرتي.
مجزرتا الأمس في سوق ليبيا و13 بشرق النيل خطفت أرواح ما لا يقل عن 500 شخص جلهم من المدنيين، وسنابك الدعم السريع في الجزيرة تعوس وتجوس بعيدًا عن شيكات الإدانات الطائرة، تلك المجازر في الجزيرة والخرطوم والفاشر ومن قبلها نيالا والضعين والفولة تدل على أن قيادة طرفي القتال قد أفلتت أو أفلت منها العقال، وواهم من ينظر إلى تلك الأحداث بغير هذه الزاوية.
فالدعم السريع تحول من قوة شبه نظامية تحكمها ضوابط قانونية إلى مجموعة من قطاع الطرق والنهابين والحرامية، وقصير نظر من يسعده ذلكم الحال الذي آلت إليه هذه المجموعة، وجاهل من يظن أن الجيش بأفضل حال، فلا يوجد جيش نظامي أدى أفراده من أصغر جندي إلى أعظم ضابط القسم على حماية المواطن والوطن يمكن أن يفعل طيرانه ما يفعله طيران الجيش السوداني بأحياء نيالا والضعين والفولة وأسواق أم درمان وشرق النيل بحجة وجود أفراد من “المليشيا” وسط هولاء المواطنين أو أن من يوجدون في هذه المناطق يعتبرون حواضن اجتماعية للعدو.
نعم “الدعم” تفككت وتصدعت وباتت عبارة عن مجموعات لا كلمة عليها ولا قائد لها وهذه نقمة لو تعلمون، والنقمة الأكبر إلى الذين لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم أن الجيش كذلك يتآكل من الداخل، وآيل كذلك للانشطار في أية لحظة، فجيش باتت المليشيات تخرج من رحمه كما تخرج “العقرب صغارها” لن ينجو أبدًا من مصيرها ولو بعد حين.
والله المستعان وهو المولى ونعم النصير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى