وسائل نقل بدائية تنقذ السودانيين من الموت
القضارف- آيات فضل
إضطرت الحرب المستعرة منذ 15 أبريل 2023 السودانين إلى استعادة، بعضًا من الوسائل البدائية للنقل، ومنها “الكارو”،و” المراكب الشراعية” الى جانب ” الدراجات الهوائية” في ظل تصاعد وتيرة الصراع الدائر وتوسع رقعة الاشتباكات العسكرية،و ارتفاع معدلات النزوح، ولجأ السودانيون إلى استخدام تلك الوسائل في التنقل والحركة من منطقة إلى أخرى هربا من العنف والقتال.
وأجبر إغلاق معظم الكباري المواطنين على ضفاف نهري النيل الأزرق والأبيض على إستخدام القوارب الشراعية، والتي كانت فيما مضى يستخدمها الصيادون فقط، بينما أجبرت سرقة السيارات، وانعدام الوقود الناس الى اللجوء الى العربات التي تجرها الخيول والحمير والمعروفة محليا باسم ” الكارو” في التنقل من منطقة إلى أخرى، بينما استخدم بعضهم الدراجات الهوائية للسفر الى المدن البعيدة، جراء ارتفاع قيمة تذاكر البصات حال توفرها. .
ويقول المواطن، دفع الله البشرى، إن قرية “تنوب” بولاية الجزيرة تعاني غياب وسائل المواصلات، واضطر الناس داخل القرية إلى استخدام عربة “الكارو” للتنقل من منطقة إلى أخرى، ويمضي قائلا.
لـ”أفق جديد”، السيارات في المنطقة استولت عليها عناصر قوات “الدعم السريع”، وكذلك الوقود لذا لا يوجد خيار أمام المواطن الذي يرغب في المغادرة سوى السير على الاقدام لمسافات طويلة أو استغلال عربات الكارو لمن يستطيع دفع أجرتها.
وقال أنه قطع مسافة تصل الى 40 كيلومترا سيرا على الاقدام كيما يصل الى منطقة تعد آمنة، بعد أن هاجمت قوات الدعم السريع قريته، ونوه إلى أن أجرة عربة “الكارو” بعد تدهور الأوضاع قفزت الى 50 الف جنيه بعد أن كانت لاتتعدى الـ5 آلاف.
ويحكى المواطن، أحمد عبد الله، قصة أخرى مع المعاناة والمخاطر يعد أن أعادت الحرب ولاية الجزيرة وغيرها من المناطق الى ثلاثينيات القرن الماضى، قائلا ” إن أسرته اضطرت إلى استخدام القوارب النيلية المتهالكة للخروج من مدينة مدني ، وصولا إلى الضفة الشرقية للنيل الازرق حتى يتمكنوا من الوصول الى نقطة يستغلون منها الحافلات السفرية المتجهة إلى ولاية كسلا شرقي السودان..
وأوضح عبد الله في حديثه لـ”أفق جديد”، أن القوارب النيلية عادة ما تغرق في مياه النيل بسبب الحمولة الزائدة الامر الذي أدى إلى وفاة عشرات المواطنين خلال الأشهر الماضية.
وترى آمنة الهادي، إن عربة “الكارو”، أسهمت في إنقاذ الأرواح خاصة المرضى داخل القرى البعيدة الذين يحتاجون إلى زيارة المستشفيات والأطباء داخل المدن
ونوهت الهادي في حديثها لـ”أفق جديد”، “في الفترة الماضية شهدت مدينة المناقل، شحا في الوقود، واضطر الناس داخل القرى والبلدات البعيدة إلى استخدام عربات الكارو للوصول إلى المستشفى وعيادات الأطباء.”
وأضافت، “الكارو” أنقذت أرواح النساء الحوامل والشيوخ والأطفال الذين تقطعت بهم السبل داخل مناطقهم البعيدة.
من جانبه قال المواطن عصام علي، الذي وصل إلى مدينة حلفا الجديدة، عبر “دراجة هوائية”، بعد أحداث العنف في مدينة “تمبول” وقرى شرقي الجزيرة، إن الرحلة كانت شاقة، لكنه استطاع إنقاذ نفسه من الموت.
وأشار علي في حديثه لـ”أفق جديد”، إلى أن “الدراجة الهوائية”، ساعدته كثيرا في الوصول إلى مخيمات النزوح بمدينة حلفا الجديدة.
وأضاف، “لا أمتلك المال الكافي لاستخدام سيارات الأجرة، لذلك استخدمت دراجتي الهوائية رغم وعورة الطريق، والجوع والعطش في الشارع.”
وارتفعت أسعار تذاكر الباصات السفرية بنسبة تتراوح بين (12% – 44%) ما أسهم في صعوبة حركة المواطنين بين ولايات البلاد المختلفة في ظل انهيار الاقتصاد السوداني، وارتفاع قيمة الدولار في السوق السوداء مقابل الجنيه .
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان، مما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 11 مليون نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة
ويقول رئيس الغرفة القومية للباصات السفرية، أحمد الطريفي، إن الزيادة في أسعار قيمة التذاكر ترجع للظروف التي تعيشها البلاد بسبب الحرب التي قضت على الأخضر واليابس
وأوضح الطريفي في حديثه لـ”أفق جديد”، أن الحافلات السفرية تسلك طُرقا غير مُعبدة وداخل الأحياء والمناطق السكنية لانفراط الأمن على الطرق القومية المعروفة ما تسبب في زيادة الاستهلاك من الوقود وقطع الغيار
وأشار إلى أن المحافظة على سلامة المسافرين تتطلب زيادة زمن الرحلة التي كانت تقطعها الحافلات في ساعات أصبحت تقطعها في أيام، وأن الغرفة القومية وعضويتها يحرصون على تأمين وسلامة المواطنين المسافرين مما يؤدي لمضاعفة إهلاك الحافلات السفرية وزيادة التكلفة على المسافرين
من ناحيته يعزي د.محمد الناير، الزيادة في أسعار تذاكر السفر بين الولايات وحتى داخل الولاية الى عدة عوامل في مقدمتها تراجع قيمة العملة الوطنية الذى أدى إلى زيادة التكاليف في قطاع النقل،الى جانب ارتفاع أسعار الوقود والمحروقات.
وشدد الناير في حديثه لـ”أفق جديد” على ضرورة وجود مراعاة من قبل قطاع النقل لظروف المواطن، بالإضافة إلى التوازن بين تغطية التكاليف وتحقيق هامش ربح معقول.
وأشار إلى أن قطاع النقل يعاني من مشاكل أهمها الطرق، ويجب على الدولة المساعدة في تزليل بعض العقبات. .
وتوقع الناير أن يسهم استقرار سياسات العملة الوطنية ومعالجة قطاع النقل من في رجوع الأمور إلى نصابها واستعادة قيمة التكاليف الأساسية.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.