من على الشرفة
طاهر المعتصم
tahirelmuatsim@gmail.com
الجبهة الثورية ومثلث حمدي
ما عُرف بمثلث حمدي، والمقصود عبدالرحيم حمدي وزير المالية السابق وأحد قيادات الإسلام السياسي، كان عبارة عن ورقة قدمت في العام 2005، تحت عنوان “مستقبل الاستثمار في السودان”، ارتكزت على ثلاث مناطق في السودان يتم استهدافها بالتنمية والاستثمار، هي دنقلا وسنار وكردفان، السياق الذي نُشرت فيه الورقة سياق اتفاقية نيفاشا 9 يناير 2005، التي نتج عنها انفصال جنوب السودان.
والجبهة الثورية تحالف لمجموعات متمردة أعلنت عن نفسها بعيد انفصال جنوب السودان وعدم استصحابها في المفاوضات، جاء إعلانها في نوفمبر 2011، وأهم فصائلها المؤسسة: جيش تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد نور، جيش تحرير السودان – مني مناوي، حركة العدل والمساواة – خليل إبراهيم، بجانب الحركة الشعبية قطاع الشمال قيادة عبدالعزيز الحلو، وآخرون.
كانت اتفاقية سلام جوبا 2020 مرحلة فاصلة، بعد أن اختط جيش تحرير السودان قيادة عبدالواحد خطًا رافضًا لكل الاتفاقيات واتخذ من جبل مرة مقرًا لقواته، واتخذت الحركة الشعبية قطاع الشمال من مدينة كاودا جنوب كردفان مقرًا لها، عادت بقية المليشيات عبر اتفاق سلام جوبا، وهي جيش تحرير السودان – مناوي، والعدل والمساواة قيادة جبريل إبراهيم، والحركة الشعبية- مالك عقار، والتيار الثوري – ياسر عرمان والمجلس الانتقالي – الهادي إدريس ومجموعة الطاهر حجر، وآخرون.
اندلعت حرب 15 أبريل 2023 في الخرطوم، واتخذت كل مكونات الجبهة الثورية جانب الحياد مع التفاوت في درجاته، بعيد 9 أشهر قررت حركة جيش تحرير السودان – مناوي، وحركة العدل والمساواة الانحياز إلى جانب الجيش، انقسمت العدل والمساواة إلى جناح جبريل إبراهيل وجناح صندل، الذي استمر في موقف رفض الحرب هو ورفاقه الهادي إدريس والطاهر حجر وياسر عرمان وآخرون.
في عنتبي الأوغندية ديسمبر 2024، طرحت بعض مكونات الجبهة الثورية وعلى رأسها العدل والمساواة – صندل، آلية تشكيل حكومة، بينما رفضت بعض فصائل الجبهة الثورية الأمر، وأبرز الرافضين كان ياسر عرمان. مكونات تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية أغلبها فند الفكرة ولم يتوافق عليها، رئاسة الاجتماع رحلت المقترح غير المتوافق عليه إلى آلية سياسية تتكون من 20 عضوًا للبت فيه.
العدل والمساواة جناح صندل وآخرون خرجوا من الاجتماع رغم عدم التوافق ليطرحوا فكرة تأسيس حكومة بعضهم يقول إنها في العاصمة السودانية الخرطوم التي يتقاسم الجيش والدعم السريع السيطرة عليها، مما يعني أن حكومتهم المقترحة ستكون بالتعاون مع بندقية الدعم السريع، الأمر الذي يجعلهم يتقاسمون معه فاتورة التجاوزات الواسعة والجرائم ضد الإنسانية، ومن ثم العقوبات الدولية، دع عنك الكم الأكبر من اللعنات من الضحايا.
والأخطر دق أول مسمار في تقسيم السودان بين مثلث حمدي وبقية السودان، سيرًا نحو النموذج الليبي. تأخر حسم الحرب ورفض الدعوات لوقفها عبر منبر جدة أو الإيجاد أو مؤتمر دول الجوار أو جنيف، يعطي الفرصة للخارجين من الحياد لتشظي السودان الجريح.
التسريبات من العاصمة الكينية نيروبي تتحدث عن لقاءات تنعقد من بعض منسوبي الجبهة الثورية ومن خارجها، للتوافق على تشكيل حكومة يزعمون إنها استعادة لشرعية ثورة ديسمبر التي انقلب عليها حلفاؤهم في الجبهة الثورية، آملين في أن يلتقوا مع هؤلاء الحلفاء السابقين في طاولة مفاوضات بعضهم بجانب الجيش وبعضهم بجانب الدعم السريع وبعضهم بجانب الطرف الثالث القوى المدنية. ومن المتوقع اكتمال مشاوراتهم قبل 19 ديسمبر، ليلحق الدعم السريع ومن خلفه هذا التشكيل قبل تنصيب الرئيس الأمريكي ترامب في 20 يناير 2025.
مقترح تشكيل الحكومة ليس قفزة في الظلام فقط ولا إسفين تقسيم البلد الواحد، بل محاولة فاشلة لإضفاء شرعية لطرف، وسيرًا نحو الفجيعة أو مثلث حمدي.