نصفها تحت حكم “الإخوان”

كلمة العدد

بلا شك أن بلادنا مرت بالعديد من الحقب السوداء والعهود المظلمة في تاريخها غير أن العهد الذي بدت ملامحه في التشكل حاليا بدعم من “الحركة الإسلامية” يختلف تماما عن ما مر على السودان  طيلة تاريخه مع الديكتاتوريات المؤدلجة وتلك التي بلا هوية، يتأهب هذا الكيان في نسخته الثالثة ونحن نتنسم هذه الأيام الذكرى 68 للاستقلال، للاستيلاء على السلطة، غير آبه بما احدثه من دمار خلال الثلاثين عاما التي خلصت له فيها السلطة ولا ناظر بأسى لمناظر الخراب التي خلفتها حربه التي أشعلها في الخامس عشر من ابريل 2023 م.  

في تاريخ الأمم، هناك لحظات مفصلية تحدد مصير الشعوب، وتجبرها على مواجهة الحقائق المرة لضمان مستقبل أكثر إشراقًا، واليوم، بعد 68 عاما  أنفقها إنسان السودان  في البحث عن هوية بلا جدوى، والبحث عن استقرار بلا هدى، وبات الآن يبحث عن وطن، نقول إن السودان يقف أمام لحظة تاريخية وفارقة، إن أحسنا التعامل معها وأخذنا تجارب الخيبات والفشل الذي لازمنا لتكون لنا عظة وعبرة فيما هو آت سنعبر وإن كررنا تجارب السنوات التي خلت فسنسدل الستار على على هذا الكيان.

فلنجعل من الذكرى الثامنة والستين ليست مجرد يوم للاحتفال، بل هي فرصة لإعادة تقييم المسار الذي سلكه السودان منذ استقلاله، علينا أن نتعلم من أخطائنا وأن نجعل من هذه الذكرى حافزًا لتجديد العهد ببناء وطن يستحقه الجميع، ومن غير لجلجة نقول إن لا وطن مستقر في ظل وجود هذه الجماعة الإرهابية المتحكمة في مفاصل دولتنا منذ ما لا يقل عن 34 عاما هي نصف عمر استقلال بلادنا وتتأهب للمزيد.

كلنا تابعنا في الأسابيع الأخيرة، تصاعد الاشتباكات العنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع وعديد الجماعات المسلحة المتحالفة مع الطرفين، وعلى عكس بداية الحرب تشهد مسارح العمليات الممتدة من صحارى دارفور وحتى احياء أم بدة وغابات النيل الأزرق تكتما بالغا على ما يدور فيها، من أحداث، غير إن المنسرب على قلته يكشف عن جرائم فظيعة ترتكب من الطرفين، تصفيات للأسرى، وتمثيل بالجثث وقتل للمدنيين عبر القصف المدفعي أو الاتهام بمولاة الآخر، ففي منطقة بوط في النيل الأزرق التي دخلتها قوات الدعم  السريع خلال الأسابيع الماضية يقول ناجون من المحرقة التي تمت هناك بعيدا عن الأضواء الذي ينقذك من الموت هو فقط إخفاء قبيلتك، إذ استهدفت القوة التي دخلت المنطقة قبائل بعينها بالتصفية،الى جانب قوائم معدة سلفا بأسماء بعض الأفراد الذين تمت تصفيتهم دون حتى إخطارهم بجريرتهم التي ارتكبوها، وهو ذات الفعل الذي ارتكبه الجيش والقوات الموالية له عند دخولهم لمدن الدندر وسنجة حيث تمت تصفية للعديد من المدنيين بدعوى تعاونهم مع قوات الدعم السريع عندما كانت تسيطر على تلك المدن.

ما جرى في تلك المدن هو نموذج لدولة “الاخوان” القادمة وملامح لنسختهم الجديدة، نسخة مجردة من معاني الإنسانية، الخالصة متعطشة للدماء والأشلاء وشبقة لنهب المال الحرام، لا رادع لها ولا كابح لجنونها.

قد كان حكمهم الأول نموذجًا صارخًا للاستبداد والفساد، فتحت شعارات دينية زائفة، مارسوا أبشع أنواع القمع ضد الشعب السوداني من التصفية الجسدية للمعارضين إلى التلاعب بالموارد الاقتصادية للبلاد، تركوا إرثًا من الدمار والفوضى التي أثرت على كل نواحي الحياة،

فعرفت مناطق مثل دارفور، جنوب كردفان، والنيل الأزرق حملات عسكرية وحشية قُتل فيها الآلاف من المدنيين الأبرياء، ودخل مصطلح الإبادة الجماعية لأول مرة إلى بلادنا المعروفة بتسامح وسماحة إنسانها.

وفي عهدهم اختفى عشرات المعارضين قسريًا،ولم ينجو حتى الذين يشاركونهم الفكرة والمعتقد وتعرض الكثيرون للتعذيب الوحشي داخل السجون والمعتقلات.

باسم الدين، عملت تلك المجموعة الدخيلة على بلادنا على تقسيم المجتمع السوداني، مروجين لأيديولوجيات متطرفة تستهدف تمزيق النسيج الاجتماعي. ولم يكن الدين سوى أداة لتبرير سياساتهم القمعية وكسب الولاء من خلال الترهيب والتضليل.

كل تلك الجرائم وغيرها ارتكبوها في نسختهم المحسنة التي أرادوا أن يظهروا بها، والآن ملامح عهدهم الجديد تكشف وبجلاء انهم استخرجوا النسخة الأصلية غير المحسنة التي لا فرق بينها و”داعش” اللا  المكان والزمان فقط.

إن طريق السودان نحو الحرية والكرامة يبدأ بمواجهة هذه الجماعة واجتثاث جذور الفكر الإخواني ومحاكمة رموزه، ما لم يحدث ذلك سيظل السودان محاصرًا في دائرة الفوضى والانقسام.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى