رهان كاذب وآخر كاسب

بينما تمر بلادنا بمنعطف تاريخي جديد، لا يزال صوت الحرب التي اندلعت في 15 أبريل يجلجل في أذهاننا، كاشفاً عمق التحديات التي تواجهنا وأبعاد الرهانات التي خاضتها الأطراف المتنازعة.

كانت الحرب اختباراً قاسياً للرهانات التي تبنتها قوى الصراع، بعضها كاذب بُني على أوهام الهيمنة والسيطرة، والآخر كاسب لأنه يستمد قوته من رغبة الشعب في استعادة وطنه من شبح الحرب والدمار.

لقد راهن البعض على السلاح والسلطة، متجاهلين تطلعات الملايين للسلام والكرامة. اعتقدوا أن القوة المفرطة ستمنحهم نصراً سريعاً، فكان رهانهم كاذباً، كلف الشعب السوداني أثماناً باهظة من دمائه وأمنه واستقراره. في المقابل، أثبت الشعب السوداني أن رهان الإرادة الشعبية والمقاومة المدنية هو الكاسب الحقيقي. فهو رهان يعكس قدرة أمة بأكملها على الصمود أمام التحديات، مهما بلغ عنفها وضراوتها.

مع دخولنا مرحلة جديدة من الصراع، يجب أن ندرك أن مستقبل السودان لن يُبنى على أنقاض الأوهام العسكرية ولا على أنقاض المدن والقرى التي دُمرت، بل على رؤية وطنية شاملة تجمع شتاتنا وتعيد ترتيب أولوياتنا.

رهاننا اليوم يجب أن يكون على الحوار والسلام والتنمية. فالرهان على الدماء لا يجلب إلا المزيد من الدماء، والرهان على الوحدة والمستقبل هو ما سيضعنا على طريق النهوض من هذا النفق المظلم.

وفي ظل الراهن قاتم الظلام، يبقى السؤال: هل نستطيع أن نحول هذا الصراع إلى درس تاريخي يؤسس لمرحلة بناء جديدة؟ الإجابة ليست في أيدي المتنازعين وحدهم، بل في أيدي كل سوداني وسودانية يؤمنون بوطن يتسع للجميع.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى