في ممرات الفاقة.. بين مسارات العوز
استقبلت دنقلا أكثر من3.600.000 نازح منذ اندلاع حرب أبريل
دنقلا – عبير جعفر
في ظروف إنسانية بالغة التعقيد نزحت نجلاء، معية أطفالها الأربعة، من منزلها بمنطقة “دار السلام” غربي مدينة أم درمان هربًا من القتال والعنف ووصلت إلى مدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية،.
تقول نجلاء -وهو اسم مستعار لدواعٍ أمنية- إنها سبق وأن أُزيلت كليتها، وهي عاجزة اليوم عن توفير الدواء. ومن داخل مدرسة “السرايا” بمدينة دنقلا التي اتخذتها ملاذا تشكو محدثتنا ثقل وطأة الأوضاع وهي تحاول كفكفة دموعها: “أحد أبنائي تعرض إلى حساسية في العين، والأوضاع الاقتصادية سيئة”، مطالبة بتوفير الطعام والدواء والكساء للنازحين بمراكز الإيواء، خاصة وأن بعض الحالات وصلت إلى مرحلة الإغماء.
من جهتها تسرد النازحة هدى -وهو اسم مستعار كذلك- مسارات رحلات نزوحها التي امتدت لـ4 ولايات مختلفة إلى أن وصلت إلى الولاية الشمالية. ونبهت بين يدي حديثها لـ”أفق جديد”، إلى عدم الاهتمام بالصحة والغذاء، وقالت: “نتلقى وجبات قليلة لا تكفي لكامل أفراد الأسرة”.
وأكدت وجود أرامل وأيتام في مخيم النزوح، مع نقص حاد في الغذاء والدواء، مشددة على ضرورة توفير الاحتياجات الضرورية للنازحين.
وأضافت: “بدأت في صنع بعض الأطعمة لتوفير بعض المال، لكن التكلفة باهظة الثمن، والدعم النقدي البالغ 18 ألف جنيه قليل جداً”، حاثة الجهات المسؤولة على زيادة الدعم، خاصة وأنهم في فصل الشتاء.
من جانبها، تقول عفراء عمر (طالبة)، إنها تواجه مشكلة في مواصلة تعليمها مع نقص المال لمواجهة المصروفات الجامعية التي بلغت مليون جنيه في العام.
عفراء التي نزحت من حي “الدروشاب” بمدينة بحري شمالي الخرطوم، قالت في حديثها لـ”أفق جديد”، أن عناصر قوات “الدعم السريع”، اعتقلت شقيقها البالغ من العمر 18 عامًا.
وأضافت: “نطلب زيادة الدعم النقدي داخل مخيمات النزوح لمواجهة الاحتياجات اليومية، والظروف الصعبة”.
وطبقاً للسلطات المحلية، فإن مدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية، استقبلت أكثر من 3 مليون نازح منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل من العام الماضي.
وأوضح المدير العام لمفوضية العون الإنساني بالولاية الشمالية، عبد الرحمن خيري، في تصريح لـ”فق جديد”، أن العاصمة دنقلا استقبلت أكثر من 3 مليون و600 ألف نازح موزعين على 8 مراكز إيواء بالمدينة.
وكشف خيري، عن دعم عيني للنازحين على مستوى مراكز الإيواء والأحياء شهريا، تشمل (الدقيق، الزيت، العدس والملح)، من منظمات غوث إنساني ومنح من بعض الدول مثل قطر والكويت وتركيا والسعودية.
ونبّه خيري، إلى تحديات واجهت المفوضية منذ اندلاع الحرب تمثلت في إحصائية النازحين، لكنها تعمل حاليا على معالجتها مع رؤساء اللجان في الأحياء.
وفي وقت أكد في خيري تفعيل قطاعات حيوية تتمثل في التعليم، كسب العيش، الأمن الغذائي، الصحة والمياه والصرف الصحي، والحماية بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية، إلا أن حديث المواطن محمد عبد الله، الذي نزح من الخرطوم إلى الولاية الشمالية، يبدو ناسفاً لنبرة التفاؤل التي يبديها مسؤول المفوضية.
ويشكو عبد الله في حديثه لـ”أفق جديد” من تبعات النزوح بالغة التعقيد، في ظل نقص الخدمات الضرورية، يقول: “أنا مهندس في إحدى الشركات الكبرى، وأب لولدين و3 بنات، في مراحل دراسية مختلفة، واجبرتنا الحرب على النزوح في ظرف سيئ للغاية”.
ويسترسل: “قررت مضطراً اللجوء إلى مخيم النزوح مع أسرتي، رغم الضغط النفسي”. وتابع: “يعيش النازحون الفارون من مناطق النزاع ظروفا مأساوية تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الطبيعية، ويعانون العطش والمرض والجوع”.