مدنيون.. لسنا مقاتلين
أفق جديد
في الرابع والعشرين من الشهر الجاري طارت الوكالات الإخبارية بأنباء هجوم على مستشفى على مستشفى الولادة التعليمي السعودي في الفاشر، حاضرة شمال دارفور، ما أودى بحياة ما لا يقل عن 70 شخصاً فيما جرح العشرات.
وكان المرضى وأسرهم والعاملون الطبيون من بين الضحايا، مما يسلط الضوء بشكل أكبر على الطبيعة العشوائية للعنف.
وأصبح المستشفى، الذي يمثل شريان الحياة للمنطقة المحاصرة، أحدث ضحية للحرب الأهلية الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأثار الهجوم الذي أكدته منظمة الصحة العالمية، غضبًا عالميًا ودعوات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة.
ومن فورها أعلنت الكثير من العواصم الإقليمية والعالمية إدانتها للهجوم معربة عن تضامنها مع الضحايا، معتبرة الهجوم الذي نفذته قوات الدعم السريع انتهاكاً مروعاً للقانون الإنساني الدولي.
وفيما أدان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الهجوم، ووصفه بأنه انتهاك مأساوي للقوانين الإنسانية الدولية؛ حثت الأمم المتحدة أطراف الصراع على الالتزام الصارم بالقانون الإنساني وحقوق الإنسان الدولية، مذكرة بأن حماية المدنيين والأطفال الأبرياء والنساء والرجال إبان الصراع هو التزام أساسي.
ومنذ مايو الماضي تفرض قوات الدعم السريع حصاراً على مدينة الفاشر في ظل النقص الحاد في الغذاء والدواء مع توالي انتهاكات حقوق الإنسان.
ويعد الهجوم الأخير بمثابة تذكير قاتم بالتأثير المدمر للحرب على المدنيين.
ووفق الأمم المتحدة، أودت الحرب في السودان بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 12 مليونا ودفعت العديد من السودانيين إلى شفا المجاعة.
إلى ذلك، وفي ظل الهجمات المتكررة التي تستهدف البنية التحتية الأساسية في السودان، شدد الصليب الأحمر على ضرورة حماية المرافق الحيوية في السودان من تداعيات القتال، وذلك التزاما بمقتضيات القانون الإنساني الدولي.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان إن الهجمات المتزايدة في السودان حرمت الملايين من الحصول على المياه النظيفة والكهرباء في جميع أنحاء البلاد.
وحددت منظمة إنسيكيورتي إنسايت 521 هجومًا على نظام الرعاية الصحية في السودان منذ بدء القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
ويأتي الهجوم على المرافق الصحية في وقت تكافح فيه البلاد مع زيادة حالات الكوليرا وحزمة من الوبائيات فيما أدى نقص المحاصيل وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تزايد حالات سوء التغذية.
وفي الخرطوم، أصبحت المستشفيات والمرافق الصحية – التي تضررت بالفعل بسبب الصراع – على وشك الانهيار حيث يؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلى تعطيل الخدمات الطبية المنقذة للحياة، بينما وصلت المدن الأخرى التي تستضيف ملايين النازحين إلى نقطة الانهيار مع تزايد الضغوط على أنظمة المياه والكهرباء الهشة بالفعل.
وحولت الحرب السودانية مستشفيات البلاد إلى ساحات معارك، ووضعت العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية.
والأسبوع الماضي أدانت منظمة أطباء بلا حدود بشدة التوغل العنيف لقوات الدعم السريع في قسم الطوارئ بمستشفى بشائر التعليمي في جنوب الخرطوم، حينما أطلق مهاجمون النار داخل جناح الطوارئ، وهددوا الطاقم الطبي بشكل مباشر، وعطلوا الرعاية المنقذة للحياة بشدة.
ودعت أطباء بلا حدود قوات الدعم السريع، وبشكل عاجل، إلى احترام حياد المرافق الطبية وسلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية.
ويعد مستشفى بشائر التعليمي آخر مرافق الرعاية الصحية التي تواصل العمل في جنوب الخرطوم وسط النزاع القائم.