أنبياء الكذب وعباقرته

لم تكن الحقيقة وحدها هي من أوائل ضحايا هذه الحرب القذرة، بل أنها كذلك أفرزت طبقة من الأنبياء الكذبة وعباقرة الكذب، فالأنبياء الكذبة وعباقرة الكذب هم أولئك الذين قال فيهم سيدنا عيسى عليه السلام، أنهم الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم. هل يجتنون من الشوك عنباً أو من الحسك تيناً. هكذا، كل شجرة جيّدة تصنع أثماراً جيدة. وأما الشجرة الرديّة فتصنع أثماراً ردية. لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثماراً ردية ولا شجرة ردية أن تصنع أثماراً جيدة. كل شجرة لا تصنع ثمراً جيّداً تقطع وتلقى في النار..
الكاتب الصحفي الإسلاموي إسحق أحمد فضل الله لم يؤكد موت قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بل مضى أبعد من ذلك وحدد مكان مقبرته التي دفن فيها، إذ قال مؤكداً في حوار أجراه معه زميله في التنظيم عبد الماجد عبد الحميد، إن حميدتي قُتل بطلقة قاتلة منذ الأيام الأولى للحرب، مشيراً إلى أن دفنه تم في سرية تامة في موقع يبعد 2 كيلومتراً شرق مدينة العيلفون وللمعلومية فالعيلفون هي الضاحية التي يقيم فيها اسحق، ومن قبل كان إسحق نفسه انتحل شخصية عزرائيل ملك الموت وقبض روح القائد عبد العزيز الحلو قائد الحركة الشعبية قطاع الشمال، ورسم صورة دراماتيكية لموته ودفنه الذي قال إنه تم نهار جمعة بمدينة واو، وعلى طريقة أفلام الأكشن، قال إسحق إن حالة من اليأس والجزع أصابت منسوبي الجيش الشعبي قطاع الشمال حينما سمعوا بخبر مقتل الحلو، وأن بعضهم صار يصرخ ومنهم من أهال التراب على رأسه. وأكد أن مقتل الحلو أضعف المتمردين وحطم الروح المعنوية. أتدرون من هو عبد العزيز الحلو الذي عناه إسحق، انه ذات عبد العزيز الحلو الذي يقود الآن الجيش الشعبي قطاع الشمال، الذي كان إسحق قد أماته قبل نحو عشر سنوات، كما كان إسحق أيضًا قد قبض روح خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة مستبقًا عزرائيل الذي قبضها لاحقًا، وخذ عندك الداعشي ناجي مصطفى الذي أعلن استنفاره وجهاده ضمن صفوف الجيش السوداني في حربه ضد قوات الدعم السريع، فقد ظهر هذا الناجي مرتديًا الزي العسكري وهو يقف أمام البحر، ويقول إنه يكاد يسمع صوت البحر وهو يشكل ترسًا لأهل السودان. كما أكد بأنه يكاد يسمع أيضًا صوت الشجر وهو يقف حائط صد أمام المتمردين ويقف مع الجيش ومع الحق. وهو الناجي نفسه الذي كان قال إنه يحارب بأمر مباشر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظهر في تسجيل مصور أمام جموع المستنفرين للحرب من البسطاء والمخدوعين، الذي حكى فيه (تحت القسم المغلظ) أن أحدًا مِن مَن سماهم بالمجاهدين عرض له مقطع فيديو يُظهِر (11) مجاهداً فقط بأسلحة خفيفة وهم يدحرون ويهزمون (450) عربة دفع رباعي مجهزة بأحدث أنواع الأسلحة من قوات الدعم السريع في معركة بسلاح المدرعات، وكل هذا غيض من فيض الأكاذيب والترهات والهرطقات.. إذاً من ثمارهم تعرفونهم. ومن ثمار جماعة الإسلام السياسي المرة عرفنا أنهم أنبياء كذبة وعباقرة في صناعة الكذب، يكذبون كما يتنفسون ويقتلون النفس بدم بارد وكأنهم يذبحون دجاجة.. لهم في الكذب تاريخ طويل وممتد من لدن مؤسس الجماعة حسن البنا وإلى يوم علي كرتي هذا الذي قيل أنه الأمين المكلف لجماعة الإسلام السياسي في السودان، بل أسسوا للكذب أصولًا فقهية ليست من الإسلام في شيء، حملتها شذرات منثورة في رسائل حسن البنا الذي أقر في مرحلة مبكرة الكذب وسيلة ميكافيلية للنشاط السياسي للجماعة استنادًا إلى قاعدة أن (الكذب على الأعداء فريضة)، والأعداء بمفهومهم هم كل الذين ليسوا من إخوانك في الجماعة، وفي ذلك يقول الكاتب المصري والقيادي السابق في جماعة الإخوان ثروت الخرباوي (خدها منى كلمة، لا تصدق الإخوان أبدًا، حتى ولو حلفوا لك وأقسموا أغلظ الأيمان، ولو جلسوا أمامك ورأيت أعينهم تفيض من الدمع، من الآخر لا تلقى لهم بالاً ولا تصدقهم، فهم كاذبون، أما لماذا يكذبون فلهذه قصة مرتبطة بعقيدة الإخوان، لا تتعجب فعقيدتهم تعطى لهم الحق فى التقرب إلى الله عن طريق الكذب، تحت مسمى (التقية).. لقد كانوا يتنفسون كذبًا ولهذا كان طبيعيًا أن يكون قائد انقلابهم المشؤوم العميد عمر البشير الشهير بين رفقائه بـ(عمر الكضاب) منذ أن كان ضابطًا صغيرًا في الجيش، وكانت بطانتهم تقتات على الكذب، حتى خرج علينا كاتبهم الأشهر إسحق فضل الله فجعل من الكذب جهادًا في سبيل الله بافتراء واضح على المولى عز وجل أنه ينصر بالكذب دين الله.. فلا غرابة ولا عجب مع حال هذه الجماعة التي أدمنت الكذب أن يكون نافع علي نافع كذابًا، وفقًا لشهادة إبراهيم نايل إيدام أمام محكمة مدبري انقلاب الإنقاذ، بل كل الغرابة والعجب إن لم يكن كاذبًا، ولا غرابة ولا عجب حين يتهمه الشاهد الذي (شاف كل حاجة) بأنه من كان وراء اغتيال الشهيد الدكتور علي فضل، فكم وكم من الشهداء تم اغتيالهم وتصفيتهم، وكم وكم من الأنفس البريئة تمت إبادتها جماعيًا، وكم وكم أولئك الذين تم تعذيبهم جسديًا ونفسيًا في بيوت الأشباح، وكم وكم من الذين ضيقوا عليهم في الرزق منهم من غادر البلاد ومنهم من غادر الحياة بسبب ضيق ذات اليد، فمات منهم من مات بسبب المرض ومنهم من مات كمدًا وحسرة، والمخزي أن كل هذه الجرائم النكراء الفظيعة ارتكبت باسم الإسلام والإسلام منها براء، فيا ترى أي إسلام يريد علي كرتي وجماعة الإسلام السياسي أن يدعو إليه الناس اليوم، إنها حكاية آل البوربون الذين لم ينسوا شيئًا ولم يتعلموا شيئًا، فكرتي وجماعته مازالوا على عنجهيتهم القديمة، يظنون كذبًا أنهم ظل الله في الأرض وأنهم الممثلين له، ولكن هيهات فذاك زمان ولى وفات ولن يعود أبدًا وعلى الجماعة أن ترعوي وترشد.