أسفار في مسيرة المسرح السوداني

أسفار في مسيرة المسرح السوداني، عنوان لكتاب من تأليف الناقد السوداني بروفيسور اليسع حسن أحمد. يحضر اليسع في المشهد الثقافي السوداني ناقدًا وباحثًا وناشرًا للكتب ومنتجًا للكثير من الأعمال الدرامية والأفلام والبرامج التلفزيونية، ولكن دونما ضجيج أو “فهلوة”، أو منًّ أو أذى، فهو الخدوم، الواهب بلا شح أو وجل.
تقول سيرته في النقد المسرحي والدرامي أنه ولج إلى مناطق تمثل احتياجًا حقيقيًا للمشروع المسرحي والدرامي، فقد رصد وبمثابرة مبدعة ما كُتب عن المسرح في الصحافة السودانية وذلك من خلال كتابه (النقد الدرامي في الصحافة السودانية)، وكتب في الدراما الإذاعية سفرًا ينم عن جهد كبير وروح بحثية متوهجة، وأعني هنا مخطوطته التي لم تنشر بعد الموسومة بـ(دراما الراديو في السودان)، التي جمع فيها بين البعد النظري لماهية الدراما الإذاعية وأسسها ضمن فنون الراديو وبين التجربة العملية لمسيرتها في إذاعة أمدرمان صُنّاعًا وقضايا وشروط عمل، الأمر الذى يجعل من هذه المخطوطة وثيقة يحتاجها من له علاقة بدراما راديو هنا أمدرمان أو من يرغب في التعرف عليها.
يُزيّن بروف اليسع كل هذا الألق المعرفي بتواضع وسعة في المحبة والامتنان، قلّ نظيرها.
عن الكتاب:
صدر الكتاب عن هيئة الخرطوم للثقافة والنشر في العام 2018، ويقع في 162 صفحة من القطع المتوسط.
يتحرك الكتاب في منطقة تجمع بين أنس الكتب وضجيجها، فالكتاب في حقيقته يمثل اختبارًا حرجًا لفعلي الكتابة والقراءة، ويضئ نوعًا ما حالةَ من يتعرض للهيبيهما، وذلك لأن كتاب أسفار في مسيرة المسرح السوداني، هو كتابة تمخضت عن قراءة كتب كُتبت في المسرح السوداني في أوقات مختلفة ومن كتاب مختلفين وغالبًا حول مواضيع مختلفة.
يتعرض الكتاب لأكثر من خمسين كتابًا، يشير إلى بعضها إشارات عامة ويتوغل في بعضها.
في سعي المؤلف لإنجاز هذه المهمة المعقدة يتوسل بعدد من العناوين منها: (ثقافة الكتاب/ التوثيق/ ثقافة الشفاهية/ المسرح في السودان/ رحلة الكتاب في السودان/ الكتابة في الصحف/ مؤسسة الكتاب/ أعوام الكتاب وغيرها).
يفترض الكاتب أن نشر الكتاب المسرحي ازدادت وتيرته بعد العام 2000، كما يشير إلى مؤسسات كثيرة ومناسبات ارتبط بها نشر الكتاب المسرحي، ففي المؤسسات يشير إلى المسرح القومي ودار نشر جامعة الخرطوم ومنظمة أروقة وبعض الجامعات، وفي المناسبات يشير إلى الخرطوم عاصمة للثقافة العربية وإلى مهرجان أيام البقعة المسرحي.
من الإشارات المهمة في الكتاب الإشارة إلى أن بعض الكُتّاب ألف كتابًا واحدًا وبعضهم أكثر من كتاب.
عن الكُتّاب والكتب:
أشير هنا إلى أن الكاتب وهو يتوقف عند الكتاب المعين، يقدم تعريفًا بكاتبه كما يقدم إشارات حول كتبه الأخرى، أما الكتب التي توقف عندها وقاربها بشيء من التفصيل فهي:
-كتاب “الإخراج المسرحي بين الفاضل سعيد ومكي سنادة”، لبروفيسور سعد يوسف.
-كتاب “دراسات في كتاب الطبقات”، لبروفيسور عثمان جمال الدين.
-كتاب “في أفق التساؤل: المسرح السوداني.. مسرحيون وقضايا، للناقد السر السيد.
-كتاب “المسرح السوداني.. مقاربات الأنا والآخر”، للدكتور فضل الله أحمد عبد الله.
-كتاب “المسرح الشعري في السودان ” للدكتور شمس الدين يونس.
-كتاب “محاور في المسرح العالمي.. الأفكار والتقنية”، للأستاذ عادل حربي.
-كتاب “النقد المسرحي.. دراسة في الأصول الفلسفية والمرتكزات الفكرية المسرحية الأوربية” للدكتور أبو القاسم قور.
في ثنايا الكتاب أشار المؤلف للعديد من الكتب والكُتّاب فقد أشار على سبيل المثال لكتاب “أصوات وحناجر” للدكتور أحمد الطيب أحمد، ولكتاب “حرف ونقطة” للدكتور خالد المبارك، ولكتاب “المسرح السوداني.. المبتدأ والخبر” للدكتور د. عز الدين هلالي، ولكتاب “المسرح السوداني وإشكالية التحديث” للناقد عبدالله الميري، ولكتاب “في معرفة النص الدرامي”، للكاتب عبدالحكيم عامر، ولكتاب “الطقس والأسطورة في تشكيل الصورة المسرحية”، للدكتور صالح عبدالقادر، ولكتاب “تأويل خشبة العالم”، للدكتور راشد بخيت، ولكتاب “دراسات في المسرح السوداني”، للدكتور الطاهر محمد علي وغيرها من الكتب.
ختامًا: هذا كتاب لا بدّ منه لأي دارس للمسرح خاصة المسرح السوداني.
جاء في مقدمة الكتاب التي كتبها بروفيسور سعد يوسف ما يلي:
“… ثم ظهر أمامي ذلك السؤال الكبير المحيّر: ما الذي كتبه د. اليسع في هذه الصفحات التي أمامي؟ كتاب عن الحركة المسرحية في السودان.. تاريخها..
اتجاهاتها وصانعيها؟ كتاب في النقد المسرحي أم كتاب عن النقد والنقاد؟ هل كَتَب اليسع ببلوغرافيا أم انسيكولوبيديا؟ والإجابة عن كل تلك الأسئلة عندي: إن هذا الكتاب لا ينتمي لأي من تلك التصنيفات وإنه جمع طرفًا من كل واحدة منها… إنه كتاب في خصوص النقد والنقاد والكاتبين المسرحيين السودانيين رضي الله عنهم أجمعين”.
أما مقدمتي للكتاب التي جاءت على سبيل الاحتفاء فقد قلتُ فيها ما يلي:
“… هو مؤلَف لأنه يسعى لمقاربة عدد من الإصدارات النظرية أو فلنقل النقدية التي كُتبت فى تواريخ مختلفة حول المسرح السوداني، وهو مؤلَف لأنه يحاول أن يبني سياقاً لمتفرقات ما قالته تلك الإصدارات، وهو خاص لأنه يتسم بالجدة .
فهو أولاً ينهض على مقاربة مؤلفات أخرى (عدد من الكتب) ولأنه ثانياً يمزج بين العرض والتحليل، فبقدر ما يحاول أن يقدم قراءة تسبر أغوار تلك الكتب بقدر ما نجده فى الكثير من الأحيان ينقر على سطوحها نقراً، أي يلمس ما تسعى لقوله لمساً… هذه الطريقة فى الكتابة التي وسمت الكتاب، إنما تشير فيما تشير إلى ما يمكن وصفه “بالمغامرة” التى أدخل فيها د. اليسع نفسه، حيث من الصعوبة بمكان أن تصنف مؤلَفاً ينهض على عدد من المؤلفات تشترك كلها فى موضوع واحد الذي هنا هو المسرح، إذ إن وضعاً مثل هذا لا محالة موجب للتداخل إن لم نقل (التشويش)، فهذه الكتب على كثرتها وعلى اختلاف مؤلِفيها واختلاف تواريخها تحفل بالمتشابه، كما تحفل بالمختلف وهذا مُعطىً لا يمنح المُتعامِلُ معه غير صفة (المغامر).
إنني عبر هذه الكلمات أسعى للإبقاء على الدهشة التي يصنعها هذا الكتاب عند قُرائه، كما أسعى إلى نثر بذور الشك الخلَّاق الذي يعني فيما يعني أن هذا الكتاب ينطوي على قدر كبير مما يمكن تسميته بنِيَّة (الفضح) أو الكشف، وهي نِيَّة في كل الأحوال مشروعة حتى وإن كانت نتائجها قد لا ترضي البعض،
فـ(نِيَّة) الفضح هذه التي انطوى عليها الكتاب شكلت ولو بشكل خفي ميزاناً أو مرآةً رأينا من خلالها قيمة هذه الكتب وموقعها”.