أدب وإبداع الدبلوماسيين في تجمع الفنانين السودانيين بمصر
أفق ثقافي

الإشراف محمد إسماعيل
أقيمت في الخامس عشر من رمضان ندوة مؤانسة عن أدب وإبداع الدبلوماسيين، كان المتحدث فيها السفير الأديب جمال محمد إبراهيم، في حين قام الأستاذ صلاح يوسف بدور المؤانس والمحاور له. وليس خافيًا ذلك العطاء الكبير الذي أسهم به الدبلوماسيون في ساحة الثقافة في مجالات الفكر والرواية والشعر والفن بما يدل على أنهم يحملون هم الوطن في جوانحهم أينما ذهبوا رغم التنقل بين مختلف البلدان. خلال الندوة توقف السفير جمال عند إسهام بعض الدبلوماسيين لأن الحديث عن الجميع قد لا يسمح به وقت المؤانسة، ولقد كانت المحطة الأولى عن محمد عثمان ياسين باعتباره أول وكيل للخارجية بعد الاستقلال علمًا بأنه مؤلف كتاب (باليه الشاعر) الذي كان يطمح من ورائه إلى تجسيد الأخيلة والرؤى الشعرية عبر فن الباليه، ثم توقف عند محطة جمال محمد أحمد الذي نقل لنا ثقافات وفنون الأفريقيين من خلال مؤلفاته وهي (سالي فو حمر) و(وجدان أفريقيا) و(عرب وأفارقة) و(المسرحية الإفريقية) و(مطالعات في الشؤون الأفريقية).
ثم توقف السفير جمال عند محمد المكي إبراهيم الذي ظهر شاعراً منذ مرحلة الدراسة الجامعية في أوائل الستينيات يعرفه المتقفون كشاعر للأناشيد الأكتوبرية قبل التحاقه بالخارجية لتتواصل عطاءاته بدواوين شعرية هي أمتي، وبعض الرحيق أنا والبرتقالة أنتِ، ويختبئ البستان في الوردة، وفي خباء العامرية. ثم واصل السفير جمال الحديث عن صلاح أحمد إبراهيم كأحد رواد مدرسة الغابة والصحراء إلى جانب محمد المكي والنور عثمان ومحمد عبد الحي. ومعروف أن صلاح صاحب دواوين شعرية هي غابة الأبنوسْ وغضبة الهبباي ونحن والردى ومحاكمة الشاعر للسلطان الجائر.
وكان السفير جمال قد ألقى الضوء على تجربته الشخصية الإبداعية في الشعر والرواية وذكرياته مع بعض زملائه الدبلوماسيين الأدباء وعلاقاته التي وثقها مع أدباء لبنان، تلك البلد التي طبع فيها سبعة كتب تضمنت رواياته وأشعاره التي قدم في الندوة نماذج منها علماً بانه لم يكن معروفاً كشاعر. وحين تحدث عن السفير عبد الهادي الصديق الذي نقل إلى لبنان في بدايات عمله كسكرتير أبدى السفير جمال دهشته لكون عبد الهادي كان يستضيف أدونيس ونزار قباني وكبار الأدباء اللبنانيين في صالونه الأدبي بلبنان، الشيء الذي جعله يتوقف عنده ليتضح لنا أن عبد الهادي الصديق قد ساهم في المكتبات الثقافية بداية ببحث تخرجه في الجامعة وهو (أصول الشعر السوداني) ثم ألحقه بكتابه اتجاهات الشعر السوداني المعاصر وكتابه نقوش على قبر الخليل، فضلًا عن برنامجه الإذاعي الثقافي بمشاركة الفنان الكابلي والمذيعة ليلى المغربي (فن وإيقاع).
ولم يضن السفير جمال عن الحديث عند مساهمات السفير سيد أحمد الحردلو التي بدأت بكتابه (ملعون أبوكي بلد) ثم تواصلت شعراً بديواني (الخرطوم يا حبيبتي) و(أنتم الناس أيها اليمانون).
لم تكن الندوة كلامية صرفة فقد تخللتها أجزاء من الألحان مثل أنشودة أكتوبر الأخضر لمحمد وردي، وأغنية يا ماريا لحمد الريح وأغنية بلدي يا حبوب لمحمد وردي أيضاً، ومعلوم أن أشعار هذه المختارات للشعراء محمد المكي وصلاح أحمد إبراهيم وسيد أحمد الحردلو.
ولقد كانت هناك وقفات عابرة عند بعض الدبلوماسيين الأدباء، إذ لم يسمح الوقت بالحديث عنهم طويلاً وهم خالد فتح الرحمن وعمر عبد الماجد وأبو آمنة حامد وكرم الله كركساوي، كما لم يغفل ذكر الأفذاذ من السياسيين والمفكرين الأدباء مثل محمد أحمد محجوب ومنصور خالد وهما يستحقان ندوة قائمة بذاتها. وكان السفير جمال محمد إبراهيم في بداية حديثه قد ألقى الضوء على كتاب قام بتأليفه عن الدبلوماسي عمر عديل الذي كان في وقت سابق من المرشحين لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة.
/////////////////
مسرح ما بعد الحرب بمركز التسامح
نظم مركز التسامح للتدريب عدداً من الليالي الرمضانية المتنوعة التي استضاف فيها عدداً من رموز المجتمع السوداني والفنانين. وشهد يوم الثلاثاء 18 مارس ندوة حول المسرح المعاصر تحدث فيها البروفيسور سعد يوسف والدكتور عادل حربي بمشاركة الدرامى السيد عبد الله صوصل بعرض مسرح الرجل الواحد. فى بداية الندوة قدم صوصل عرضًا مسرحياً بعنوان ( فئران السلطان)، وهي معالجة تراثية استخدم فيها تقنيات قائمة على حركة الجسد والصوت. والملفت فى العرض الذي قدمه صوصل كان هنالك اختلافات ومن المعروف أن مسرح الرجل الواحد يعتمد على الحركة والمؤثرات الصوتية والإضاءة وصوت الممثل.
السيد صوصل لم يستخدم كل هذا بل اكتفى فقط بتكثيف الإحساس والاستعانة بطاقة الصوت حتى أنه لم يعتمد الحركة لكن أغلب اعتماده كان على الإشارة وتعابير الوجه وتلوين وتنويع فى الصوت، وتميز العرض بشد الجمهور حتى نهايته.
(فئران السلطان) عرض مأخوذ من الحكاوى الشعبية، وعبر فيه السيد عبدالله صوصل فيما يمكن أن يحدث من كوارث عندما يكون الحاكم منفصلاً عن شعبه ولا يشعر بهم. وعن أصل الحكايه قال إن القصة تعود فى الأساس إلى حكاية سمعها من جدته عندما كان صغيراً. تحكي عن امرأة فقدت الزاد من بيتها فذهبت إلى السلطان وقالت له صارت الفئران قليلة في بيتي.
ففهم مغزى كلامها، وزودها بطعام وزاد كثيراً كفاها لعام كامل، وحين نفد عادت المرأة لقصر الحاكم لتجد أن فيه سلطاناً جديداً قالت له الكلمات نفسها فظن أنها تريد أن تساعده في التخلص من فئران قصره، فأعطاها الكثير منها، وقد ترتب على ذلك أن الفئران قتلت المرأة، وقضت على ما تبقى من أشياء في بيتها. والعرض يدور حول الملوك والأمراء والمجتمع والسلطة.
بعد نهاية العرض تحدث البروفيسور سعد يوسف والدكتور عادل حربي. سعد يوسف قدم رصداً عن المسرح قبل وأثناء الحرب، ووثق لكل التجارب التى انتظمت في مدن السودان الآمنة التى نزح إليها المسرحيون وكذلك خارج السودان. وقال على رغم توقف الأنشطة الفنية والفعاليات الثقافية في السودان بسبب الصراع المسلح، فإن المسرح وجد في الحرب بيئة مناسبة للتطور والازدهار، وشهدت المدن التي لم تطالها المعارك عروضاً مسرحية وإنتاجاً كمياً ونوعياً عبر عن الدعوة إلى السلام وإيقاف القتال. بالإضافة إلى تنظيم ورش لتعليم الشباب صناعة العرض المسرحي.
وقال إن المسرحيين كانوا يقدمون عروضاً تتناول المشاكل التي منها النازحين بسبب الحرب وتركز على تأثيرات الحرب على الأفراد والمجتمعات مسلطة الضوء على قضايا مثل الصدمات النفسية. تتميز هذه العروض بتوظيف أساليب فنية متنوعة مثل مسرح العرائس وخيال الظل ومسرح الطفل.
أما الدكتور عادل حربي تناول في حديثه المسرح المتوقع حدوثه بعد الحرب وربطه بالتراث، وتحدث عن العولمة والتقنيات الحديثة وإلى أى مدى يمكن استثمارها بصورة إيجابية في صناعة عروض ما بعد الحرب.