الأعشاب بديلًا للأدوية.. أزمة إنسانية في جنوب الخرطوم
خلفت الحرب عشرات الآلاف من القتلى ونحو 14 مليون نازح ولاجئ وفق الأمم المتحدة
آلاف المرضى محرومون من العلاج إثر امتداد القتال إلى 13 ولاية في السودان وتوقف عمل المستشفيات في معظمها
أفق جديد
في ظل السيولة الأمنية وتوقف المستشفيات والمراكز الصحية، تدهورت الأوضاع الإنسانية جنوبي العاصمة الخرطوم، ما أدى إلى لجوء المرضى إلى استخدام الأعشاب لانعدام الأدوية وتفشي تجارتها في السوق الموازية دون رقابة من السلطات الصحية.
تقول المواطنة عبير عبد الباسط (36) عامًا، التي تسكن منطقة الأزهري بالخرطوم، “اتجه الناس إلى الأعشاب بسبب انعدام الأدوية. الوضع الصحي سيء للغاية بسبب استمرار الحرب.”
وأضافت عبير في حديثها لـ”أفق جديد”، “استخدم مرضى القلب والسكري والضغط الأعشاب كأدوية بديلة.”
وأوضحت أن الوضع الإنساني تدهور بشكل كبير في أحياء جنوب الخرطوم، واضطر المئات من المرضى إلى استخدام الأعشاب كبديل للأدوية التي انعدمت بصورة كلية.
من جهته يقول المواطن الصادق خليل (41) عامًا إن منطقة جنوب الخرطوم ظلت تُعاني من الانفلات الأمني المستمر، حيث تتكرر عمليات النهب والاعتقالات التعسفية وتهجير الأسر قسرًا تحت تهديد السلاح، مما زاد من تدهور الأوضاع المعيشية.
وكشف خليل في حديثه لـ”أفق جديد”، عن توقف الرعاية الصحية بعد خروج المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة وإغلاق معظم العيادات بسبب عمليات النهب والتخريب، مما حرم آلاف المرضى من تلقي العلاج اللازم.
من جهته يقول المواطن، عبد الله العباس، إن “المنطقة شهدت أوضاعًا إنسانية متدهورة ظلت تتفاقم يومًا بعد يوم، حيث يعاني السكان من أزمة صحية كبيرة، وانفلات أمني كبير.”
وأوضح العباس في حديثه لـ”أفق جديد”، “الوضع الأمني المتردي تسبب في انعدام الأدوية ولجوء الناس إلى استخدام الأعشاب.”
وأشار إلى أن قوات “الدعم السريع” ارتكبت انتهاكات واسعة طالت المدنيين في المنطقة، شملت النهب والقتل وسرقة المستشفيات ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الصحية.
وكانت قوات “الدعم السريع” تسيطر على مناطق عديدة في جنوب الحزام التي تضم أحياء “مايو، الإنقاذ، الأزهري، السلمة” وغيرها، حيث تُلاحقها اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة طالت المدنيين.
بينما قال مدثر يوسف، وهو كادر طبي في جنوب الحزام، إن النقص الحاد في الأدوية مثل الأنسولين وضغط الدم، أدى إلى تعريض حياة المصابين بالأمراض المزمنة لخطر حقيقي، مما اضطر بعض المواطنين إلى اللجوء لاستخدام الطب البديل – الأعشاب- للعلاج.
وأشار يوسف في حديثه لـ”أفق جديد”، انتشار تجارة الأدوية في السوق السوداء بأسعار باهظة، ما أدى إلى صعوبة العلاج لآلاف المرضى في ظل توقف الحياة بسبب الحرب.
وأضاف، “رغم فداحة الآثار الجانبية لاستخدام الأعشاب، لكن المرضى يلجأون إلى استخدامها في ظل إغلاق المستشفيات وانعدام الأدوية بسبب الحرب والتوترات الأمنية الخطيرة.”
وفي مارس الجاري، قالت غرفة طوارئ جنوب الحزام، إن الأوضاع الإنسانية في المنطقة التي تضم عشرات الأحياء السكنية تدهورت بشكل غير مسبوق، وكشفت عن لجوء مرضى السكري وضغط الدم بسبب تفشي ظاهرة تجارة الأدوية في السوق الموازي دون رقابة من السلطات الصحية.
وأشارت غرفة طوارئ جنوب الحزام في تصريح صحفي باسم أحمد فاروق موسى، إلى أن الرعاية الصحية أصبحت شبه معدومة بعد خروج المستشفى الوحيد عن الخدمة وإغلاق معظم العيادات بسبب عمليات النهب والتخريب، مما حرم آلاف المرضى من تلقي العلاج اللازم.
وأوضح فاروق أن المنطقة تشهد أيضًا نقصًا كبيرًا في الأدوية الأساسية مثل الأنسولين وأدوية مرضى ضغط الدم ويتعرضون لخطر حقيقي جراء انعدامها، ويلجأون إلى الأعشاب البديلة مثل “العرديب” و”القرض” كبدائل علاجية.
وحذّر فاروق من أن انعدام الأدوية أدى إلى انتشار تجارة الأدوية في السوق السوداء بأسعار باهظة، مما جعل الحصول على العلاج مستحيلًا لمن لا يملك المال.
وأضاف المتحدث باسم غرفة طوارئ جنوب الحزام: “تعاني المنطقة من انفلات أمني مستمر، وتتكرر عمليات النهب والاعتقالات التعسفية وتهجير الأسر قسرًا تحت تهديد السلاح، مما زاد من تدهور الأوضاع المعيشية”.
وقال فاروق إن توقف بعض المطابخ الجماعية التي تقدم الطعام المجاني للمتضررين من الحرب زاد من معاناة آلاف المدنيين في منطقة جنوب الحزام الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.
وناشد المتحدث باسم غرفة طوارئ جنوب الحزام أحمد فاروق موسى المنظمات الإنسانية والجهات الفاعلة بالتدخل الفوري لإيصال المساعدات الطبية والغذائية، وطالب الجيش وقوات الدعم السريع والوكالات الأممية بالعمل على فتح ممرات آمنة لضمان وصول الإغاثة العاجلة وإنقاذ حياة المدنيين المحاصرين في ظروف قاسية.
ومع تقدم الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم اتخذت قوات الدعم السريع إجراءات استثنائية أدت إلى فرض قيود على حركة المواطنين في الأسواق والأحياء، وتوقفت الشاحنات التي كانت تنقل السلع بين الولايات وأحياء الخرطوم.
وكانت منظمة أطباء بلا حدود أعلنت تعليق أنشطتها في مستشفى “بشائر”، وهو المرفق الطبي الوحيد الذي كان يعمل في منطقة جنوب الحزام، احتجاجًا على تزايد الانتهاكات التي ترتكبها مجموعات مسلحة داخل المستشفى وتعريضهم حياة المرضى والكوادر الصحية للخطر.
ونهاية العام الماضي، وصلت أول شحنة مساعدات إنسانية إلى جنوب الحزام لأول مرة منذ اندلاع الحرب، بعد مجهود بذلته غرفة طوارئ ولاية الخرطوم والمتطوعون الإنسانيون.
ويخوض الجيش السوداني، و”الدعم السريع” منذ منتصف شهر أبريل/نيسان 2023، حربًا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلة بنحو 130 ألفًا.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.