المستهلك يستحق

د. ياسر ميرغني

من على الشرفة

طاهر المعتصم

قبل اشتعال حرب 15 أبريل 2023 بأيام، كنت ضمن المهمومين بمناصرة الأمين العام لجمعية حماية المستهلك، صديقي الدكتور ياسر ميرغني، الذي كان رهن الاحتجاز في بلاغ كيدي في تقديري، وما أكثر احتجازات صديقنا ياسر منذ أن تصدى للعمل العام مدافعًا عن المستهلك، سعدت جدًا في الأسبوع الأول من نزوحنا إلى مدينة (شمبات) بالخرطوم بحري، وأنا أجده مطلق السراح بضمان شخصي، بعد أن أصابت (دانات) مقر الاحتجاز.

الأسبوع الماضي صدر عن دار عزة للنشر والتوزيع، كتاب (ثقافة حماية المستهلك.. تجربة الجمعية السودانية لحماية المستهلك) في ثوب قشيب، وصفحات بلغت 242 صفحة، يروي فيها دكتور ياسر ميرغني عبد الرحمن، رئيس جمعية المستهلك السودانية وعضو مجلس المنظمة العالمية للمستهلك، توثيقًا لرحلة الجمعية منذ العام 1996م وحتى يوم الناس هذا.

أهمية الكتاب تكمن في أنه توثيق لمجتمع يؤثر الشفاهة على الكتابة، وإلقاؤه الضوء على جانب من جوانب المجتمع المدني السوداني، وأدواره المتعاظمة في الدفع عن المجتمع وحماية أفراده، ونشر أنشطة الجمعية عبر منتداها الأسبوعي الذي بلغ من العمر أكثر من عشر سنوات، (ملتقى المستهلك) الذي كان يشغل العناوين الرئيسية للصحف السيارة ومحطات التلفزة والإذاعات، مما أدى إلى اعتماده كوسيلة من وسائل المناصرة لقضايا المستهلك في العام 2013، من قبل المنظمة العالمية للمستهلك، بل اختيار السودان ضمن لجنة الخبراء للمنظمة العالمية.

لم يكن الطريق مفروش بالورود، بل واجه كم من العقبات والتحديات، أدت إلى إيقافه مرات واعتقال قيادته ومصادرة الممتلكات، وقد كشف الكتاب استخدام السلطة وقتها للتضليل الممنهج، عندما علق صدور 10 صحف يومية بقصاصة ورق مكتوبة بخط اليد، موحية أن تعليق الصدور على خلفية (ملتقى المستهلك.. الترحيل المدرسي رحلة محفوفة بالمخاطر)، بحسب الكاتب أن السبب هو ما عرف وقتها بقضية السكر الفاسد، التي اتهم فيها إلى جانب كاتب الكتاب، صديقي الأستاذ عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة (التيار)، وزميلنا الصحفي النابه علي الدالي، الذين برأتهم المحكمة بعد سنوات في العام 2018.

حول بروز ظاهرة الغش التجاري في ظل العولمة، يورد الكاتب شهادة الدكتور عمر عبدالله، الذي أشار إلى أن حجم الغش التجاري يقدر عالميًا بنحو 780 مليار دولار، أي ما بين 5% إلى 10% من حجم تداول التجارة العالمية، أما على المستوى العربي حوالي 50 مليار دولار ما نسبته 6.4% من حجم الغش التجاري على مستوى العالم، الأمر الذي يجعل من الصعب بمكان على الدول مكافحته منفردة، دون عون من المجتمع المدني ممثلًا في جمعيات ومنظمات حماية المستهلك.

من الذين لعبوا دورًا بارزًا في تأسيس الجمعية الدكتور نصر الدين شلقامي،  والدكتور عبدالرحيم بلال، الذي رحل قريبًا عن دنيانا، والأستاذ المحامي علي قيلوب، نقيب المحامين.

آخر قولي إن تجربة جمعية حماية المستهلك طيل السنوات الماضية، وتراكم خبراتها المتعددة، ما بين حملة (الغالي متروك) لمكافحة غلاء اللحوم الحمراء، أو المبيدات، أو الادوية أو حساب كسر الثانية في فاتورة الاتصالات، وغيرها مئات المواضيع التي تهم المواطن، تجربة جديرة بالاحترام، ومثلت مرحلة تصاعد المجتمع المدني، وكيفية أن السودانيين استطاعوا تقديم تجربة متقدمة في حماية المستهلك يمكن البناء عليها.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى