إنجاز تاريخي.. 

الهلال السوداني بطلاً شرفياً في الدوري الموريتاني

في سابقة فريدة من نوعها على مستوى كرة القدم الإفريقية والعربية، توّج نادي الهلال بلقب “البطل الشرفي” للدوري الموريتاني الممتاز 2024، في ختام موسم استثنائي شارك فيه كضيف شرف مع شقيقه المريخ بسبب ظروف الحرب في السودان .

 هذا الإنجاز الرمزي، رغم كونه غير رسمي، حظي باحتفاء واسع من الأوساط الكروية والشعبية في موريتانيا والسودان، لما حمله من أبعاد رياضية وإنسانية واجتماعية كبيرة.

 

انتصار الحسم

 

حقق الهلال انتصاره الحاسم أمام نادي الدرك الوطني بنتيجة 2-1، في مباراة مثيرة كانت مسك ختام مشاركته، ليصل إلى 64 نقطة مبتعدًا بفارق 6 نقاط عن وصيفه نواذيبو، الذي تُوّج رسميًا باللقب بعد فوزه على إنتر نواكشوط. سجل للهلال كل من أحمد سالم وأيمي تيندينج، ليكتمل المشهد بالإنجاز الهلالي التاريخي. 

أنهى الهلال الموسم بـ19 انتصارًا، 7 تعادلات وخسارتين فقط، في مشوار يُحسب له في ظل الظروف المعقدة التي يعيشها السودان بسبب الحرب. ورغم كل التحديات، أظهر “الفريق الأزرق ” شخصية قوية، وتمكن من ترك بصمة واضحة في منافسات الدوري الموريتاني.

جاءت مشاركة الهلال والمريخ في الدوري الموريتاني كاستجابة إنسانية ورياضية من الاتحاد الموريتاني لكرة القدم، بدعم من الفيفا والكاف، بعد توقف النشاط الرياضي في السودان نتيجة الحرب . هذه الخطوة منحت الأندية السودانية فرصة نادرة للحفاظ على جاهزيتها التنافسية، وساهمت في رفع مستوى الدوري الموريتاني من حيث المتابعة والإثارة.

تفاعل موريتاني واسع واحتفاء إعلامي

 لقي الإنجاز الشرفي لنادي الهلال في الدوري الموريتاني صدىً واسعًا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الموريتانية، حيث أثارت تجربة الفريق الأزرق اهتمامًا بالغًا بالنظر إلى طابعها الاستثنائي وظروفها الفريدة.

وفي هذا السياق، كتب الإعلامي الموريتاني يسلم سيدي علي منشورًا مؤثرًا أشاد فيه بتجربة الهلال، معتبرًا إياها محطة فارقة في العلاقات الرياضية بين البلدين الشقيقين. وقال في تدوينته:

“الهلال السوداني لم يلعب مباريات الدوري الموريتاني بحثًا عن مشاركة رمزية، بل أمسك العصا من الوسط وخاض المباريات بثقة واجتهاد كبير، رغم روزنامته المشحونة بالمباريات القارية ودعوة لاعبيه للمنتخبات الوطنية، التي أرهقت اللاعبين. ومع ذلك، سيّرَ الدوري بخبرة وحكمة كبيرة، وكان الهلال يلاحق إف سي نواذيبو الذي استعاد عادته القديمة في قيادة القافلة لوحده.”

وأضاف: “كانت مباريات الهلال المؤجلة مفصلية في الأمتار الأخيرة، ليتربع سيد البلد على صدارة الترتيب العام في النهاية، محققًا لقبًا مهمًا سيُضاف إلى خزانة ألقابه. وحتى لو كان لقبًا شرفيًا، إلا أنها كانت تجربة غنية جدًا، أماطت اللثام عن الوجه الحقيقي لمشروع الهلال الكبير.

وأشار يسلم إلى أن مشاركة “قمة السودان” – في إشارة إلى الهلال والمريخ – في نواكشوط لم تكن مجرد محطة عابرة، بل تجربة استثنائية تركت أثرًا عميقًا في ذاكرة الرياضيين الموريتانيين، ورسّخت مكانة السودان في قلوبهم.

ولم يكتف الإعلامي الموريتاني بالإشادة، بل دعا إلى ترجمة هذه اللحظة التاريخية إلى شراكة رياضية استراتيجية، مقترحًا إطلاق بطولة سنوية تجمع بين موريتانيا والسودان، تُكرّس العلاقات المتينة بين البلدين وتمنح الأندية والمنتخبات مزيدًا من فرص الاحتكاك والتطور.

وأضاف: “ليس وداعاً ما ننطق به، بل ترقباً لمبادرة تثبّت هذا الاستثناء وتجعله تقليداً راسخاً، عبر تنظيم بطولة سنوية مميزة تجمع بين موريتانيا والسودان.”

ووجّه يسلم نداءً إلى “حكماء البلدين”، داعيًا إياهم إلى احتضان الفكرة والعمل على بلورتها إلى واقع ملموس، قائلاً: “ما نحن إلا جسد واحد في وطنين.”

أما الإعلامية الموريتانية آمنة محمد المصطفى، فقد كتبت تدوينة مؤثرة عند اقتراب نهاية الموسم، جاء فيها:

“الرياضة سفير سلام ومحبة تجمع الشعوب. كانت مشاركة الهلال والمريخ تجسيداً لعلاقة تاريخية متجذّرة بين السودان وموريتانيا. نشكر الفريقين على ما قدّماه من إثارة ومتعة، وستبقون في الذاكرة.”

المريخ أيضًا يترك بصمته

رغم مروره بفترة فنية غير مستقرة شهدت تغيير ثلاثة مدربين، فإن المريخ نجح في الظهور بمستوى مشرف خلال مشاركته، وظل ضمن أندية المقدمة في الترتيب. وقد استفاد الفريقان من المشاركة المستمرة عبر الاحتكاك والمنافسة، في ظل غياب الدوري السوداني المحلي.

لم تكن مشاركة الهلال والمريخ مجرد تجربة كروية، بل كانت محطة للتآخي والتضامن بين الشعبين. فالعلاقة بين السودان وموريتانيا ضاربة في الجذور، وامتزجت عبر التاريخ بالتجارة والدين والثقافة، واليوم أضحت كرة القدم وسيلة جديدة لتجسيد هذا الودّ.

شهدت مباريات الفريقين السودانيين في الدوري الموريتاني نسب متابعة قياسية عبر القناة الرياضية المحلية، وارتفعت التغطية الإعلامية، كما تشكّلت صداقات وعلاقات مهنية بين الصحفيين والجماهير من كلا البلدين، بحسب ما أوضحته الإعلامية آمنة محمد المصطفى.

تجربة لن تُنسى

يُعد موسم 2024 من الدوري الموريتاني من أبرز المواسم في تاريخ البطولة، ليس فقط من حيث التنافس الرياضي، بل أيضًا لما حمله من رسائل قوية عن الوحدة والتضامن بين الشعوب الإفريقية والعربية. وقد حفر الهلال والمريخ اسميهما في ذاكرة الموريتانيين بفضل هذه المشاركة الاستثنائية.

وقوبلت مشاركة الهلال والمريخ في الدوري الموريتاني، بحفاوة جماهيرية لافتة من الشعب الموريتاني، الذي تفاعل بحرارة مع حضور قمة السودان ، ما أضفى على المنافسات بعدًا وجدانيًا وإنسانيًا تجاوز حدود الرياضة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى