السودان.. في عاصفة التفكك..!

- توقيع الميثاق التأسيسي للحكومة الموازية الذي تم في العاصمة الكينية نيروبي السبت هو إعلان دخول البلاد مرحلة التفكك، وهو بأي حال من الأحوال لن يفضي الإ لتوسيع نطاق الحرب، ودخول أطراف جديدة على رأسها الجيش الشعبي بقيادة عبد العزيز الحلو وفصائل الجبهة الثورية إلى ساحتها الملتهبة.
- وقد جاء هذا التوقيع في ظل حالة الاستقطاب العنصري والقبلي التي تشهدها البلاد، وهو تعبيرها السياسي، مهما أصبغت عليه شعارات الوحدة والسلام، فهو في نهاية المطاف اصطفاف مع الدعم السريع كطرف رئيسي في الحرب، ويتحمل نصيبه من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبتها قواته في كل المناطق التي احتلتها.
- لقد حدد الميثاق السياسي دواعي تشكيل حكومة السلام الانتقالية في إنهاء الحروب وتحقيق السلام الشامل والعادل، المساعدات الإنسانية، الحفاظ على وحدة السودان الطوعیة، حماية المدنيين، استعادة الحقوق الدستورية لجمیع المواطنين دون تمییز، استرداد مسار الحكم المدني الديمقراطي، إنهاء تعدد الجیوش وتأسيس جیش جدید، استعادة النظام الاقتصادي والمصرفي، استعادة مكتسبات الانتقال، وهي دواعي قد لا يختلف معها كثير من الناس، ولكن من يتابع مجريات الحرب يدرك أنها محض نوايا طيبة يكذبها الواقع الذي صنعته قوات الدعم السريع، في مختلف أنحاء السودان، كما أنه يكشف طبيعة الصراع القائم، بأنه محض قتال من أجل السلطة.
- وبالتأكيد هناك أسئلة عديدة كان من الواجب على من قاموا بالتوقيع الإجابة عليها، وعلى رأسها كيف ينوون استعادة خدمات النظام المصرفي، وعلى أي أسس سيتم ذلك، بالنظر للإجراءات الإقليمية والدولية التي تعترف بأجهزة الدولة القائمة، وكيف يمكن تصميم نظام عدالة ونيابات ومحاكم من قبل منتهكي حقوق الإنسان، وكيف يمكن تكوين مؤسسات قانونية في ظل كل ما يمارس من انتهاكات وجرائم، وأسئلة كثيرة تتصل بطبيعة هذه الحكومة.
- إن طبيعة هذا العمل أنه وفر تحالف سياسي للدعم السريع، وسيتحول مع تصاعد الحرب إلى تحالف عسكري بانحياز قوات الحركات المسلحة والجيش الشعبي للدعم السريع، حيث سيواصل الجيش توسيع نطاق عملياته، وسيسعى لحسم معارك الخرطوم وما تبقى من مناطق بولاية الجزيرة، ومن ثم سيتجه لمواجهة الدعم السريع على تخوم كردفان ودارفور، وقد بدأ هذا المسار بفك حصار الأبيض، والتحام قوات متحرك الصياد مع قوات الهجانة.
- ستقود خطوة الميثاق السياسي وما سيترتب عليه لمزيد من التصعيد العسكري، وستؤدي لخلق مزيد من التعقيدات الخارجية، لا سيما بعدما تبنت كينيا عقد هذا الملتقى على أرضها، ويمكن بوضوح تبين أن هناك بعض الدول التي ستتعامل مع هذه الحكومة، بالنظر لتدهور علاقاتها مع الحكومة، وللتداخلات الحدودية بين دولها ومناطق وجود هذه الحكومة، كما أنها ستحظى بتعاون مع المنظمات الدولية في مجال إيصال المساعدات للمتأثرين بالحرب، ولكن ستكون العقبة الحاسمة في الاعتراف الدولي والإقليمي بالمؤسسات الموازية التي ستقوم بإنشائها، وقبل كل ذلك ستواجه بتصعيد عسكري كبير يسعى لتجريدها من عنصر الأرض.