نداء وقف استهداف الأعيان المدنية
من على الشرفة
طاهر المعتصم
taherelmuatsim@gmail.com
بعد دخول الحرب السودانية عامها الثالث، وبدراسة منحنيات الصراع العسكري، نجد أن الفترة الرمادية التي يتوقعها المراقبون وفق تحليل المنحنيات، لم تظهر حتى الآن، وأن الطبيعة المتغيرة للنزاعات المسلحة، وتبدل نطاقاتها، واستخدام الأسلحة في المناطق المأهولة والهجمات ضد البُنى التحتية، يشي باستمرار هذا الصراع فترة من الزمن.
الملاحظ أن فصلًا جديدًا قد بدأ مؤخرًا، وهو الاستهداف بالمسيرات لمدينة (بورتسودان) العاصمة الادارية المؤقتة، ومدينة (أم درمان) بالعاصمة (الخرطوم)، ومدينة (مروي)، ومدينة (كوستي) بالنيل الأبيض، ومدينة (نيالا) جنوب دارفور على سبيل المثال للحصر، هذا التحول الأخير تسبب في ازدياد معاناة المدنيين في (أم درمان) وانقطاع التيار الكهربائي وتوقف محطات مياه الشرب، مما أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة مثل (الكوليرا) التي راح ضحيتها أعداد من المواطنين.
هذا التحول الخطير يستوجب إعادة التذكير بالالتزام بقواعد الاشتباك، قواعد الاشتباك هي تعليمات عسكرية تصدر إلى القوات تحدد الظروف والحدود التي يمكن فيها استخدام القوة، بما في ذلك استخدام الأسلحة النارية أثناء العمليات العسكرية أو الأمنية، هي أداة سياسية – عسكرية تهدف إلى ضبط سلوك القوات ميدانيًا وفق السياسات الوطنية والتزامات الدولة بالقانون الدولي، القانون الدولي الإنساني، هو مجموعة من القواعد القانونية الدولية التي تنظّم سير العمليات العسكرية أثناء النزاعات المسلحة بهدف حماية المدنيين والمقاتلين العاجزين عن القتال، وتنظيم وسائل وأساليب الحرب.
ورغم أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي العام الماضي، وجه إدانات إلى قوات الدعم السريع في مجمل الانتهاكات ضد الأطفال البالغ عددها ستة انتهاكات (تجنيد الأطفال، القتل والتشويه، والعنف الجنسي، وقصف المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية)، كان نصيب الجيش ثلاثة من الانتهاكات، ونحن بين يدي التقرير الجديد السنوي الذي سيصدر خلال يونيو/حزيران الجاري، ويقدمه أمين عام الأمم المتحدة إلى جلسة مجلس الأمن الدولي المقررة بشأن السودان.
في تقديري أن استهداف الأعيان المدنية الذي يعتبر جريمة حرب مكتملة الأركان، وتدمير لمكتسبات الشعب السوداني، وزيادة معاناة المدنيين، تستوجب أن ينطلق نداء سوداني عربي أفريقي دولي، يشكل كتلة حرجة، تؤدي إلى الضغط على الأطراف الإقليمية والقوات المسلحة السودانية والدعم السريع، للاتفاق على الالتزام بقواعد الاشتباك وبمعاهدات جنيف وبرتوكولاتها الأربعة، التي تشدد على حماية المدنيين وتجرم استهداف البُنى التحتية التي لا تستخدم في أغراض عسكرية، والناظر لاتفاقية جدة مايو 2023، التي يكرر الجيش التزامه بها، نجدها أوضحت ضمن نصوصها كل ما جاء أعلاه، قبل أن نصل إلى درك الكوليرا السحيق، أو استهداف محطات توليد الطاقة.
ورغم الإصرار المتبادل والأيادي الخارجية، على عدم وقف هذه الحرب المدمرة، والأحاديث المعلنة من هنا وهناك، لكن قطاعًا واسعًا يرى أن استمرار استهداف الأعيان المدنية، وتحديدًا البُنى التحتية، يتأثر به المدنيون في مختلف بقاع السودان، أثناء كتابة هذا المقال، طالعت نداء من غرف طوارئ مدينة الفاشر المحاصرة يحذر من تفشي داء الكوليرا، لذلك مطلوب من الجميع بلورة مطالبة واضحة بوقف الاعتداء على البُنى التحتية، ويمتد هذا النداء من السودانيين إلى دول الجوار الحادبة على مصلحة الشعب السوداني، لتفعيل الجزء الخاص بالأعيان المدنية والبُنى التحتية، وحماية المدنين في إعلان جدة الإنساني.