نساء السودان بين مطرقة الجيش وسندان الدعم السريع

إحسان عبد العزيز

كل 10 دقائق، تُقتل امرأة (#لا_عذر)
تحت هذا الشعار يتم الاحتفاء بـ”حملة الـ 16 يوما” لمناهضة العنف ضد المرأة” لهذا العام 2024 التي تبدأ من كل عام يوم 25/نوفمبر وتستمر حتى 10/ديسمير الذي يصادف “اليوم العالمي لحقوق الإنسان”. والاحتفالية هذا العام تصادف مرور 25 عاما على إعلان اليوم الدولي للقضاء على العنف.. ويُعرف باسم “العنف القائم على النوع الاجتماعي”، فالعنف مصطلح يستخدم بشكل عام للإشارة إلى أي أفعال عنيفة تمارس بشكل متعمد تجاه النساء..
ولمناهضته صدرت العديد من المواثيق الدولية المعنية بحقوق النساء وفي مقدمتها (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”) الصادرة منذ العام 1979 إلا إنه ما يزال العنف يمارس ضد النساء فى كل أنحاء العالم بشكل واسع. هناك إحصائية أجرتها الأمم المتحدة أشارت إلى أن 70% من النساء في العالم يتعرضن لشكل من أشكال العنف في حياتهن.
وبينت دراسة أخرى أجرتها منظمة الصحة العالمية مؤخراً بأن 30% من النساء حول العالم يتعرضن للعنف الجسدي فيما يتعرض 35% منهن للعنف الجنسي. هذا بجانب ما تتعرض له النساء من عنف فى حالة النزاعات. فبشكل عام نجد أن آثار النزاعات والحروب تصل إلى كل مكونات المجتمع، مخلفة وراءها ضحايا ومتضررين ولكن أكثرها يقع على النساء والفتيات من مختلف الأعمار وتؤثر على حياتهن تأثيراً بالغا على كافة الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية، حيث يتعرضن للكثير من الانتهاكات وعلى رأسها جرائم الاعتداء الجنسي التى تستخدم كسلاح فى الحرب دون توفير أي نوع من أنواع الحماية لهن، وفي هذا الجانب نجد أن حرب السودان تعرضت فيها النساء لأقسى أنواع العنف خاصة العنف الجنسي من طرفي النزاع، وعلى وجه الخصوص قوات الدعم السريع التي رصدت لها المنظمات الحقوقية المعنية بمناهضة العنف ضد المرأة المحلية والعالمية كثيرا من حالات العنف الجنسي بما في ذلك الاغتصاب. وللاستدلال على ذلك نستعرض بعض الأرقام والتقارير من مصادر أممية واخرى موثوقة تبين معاناة النساء السودانيات في هذه الحرب. نذكر منها على سبيل المثال، ما ذكره ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان (إن 7 ملايين امرأة وفتاة في السودان تتعرض لخطر العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي). وأيضاً التقرير الذي نشرته الغارديان عن (الجنس مقابل الغذاء) والخاص بانتهاكات الجيش السوداني للنساء بمدينة أمدرمان.. نشرته الغارديان فى 30/يونيو/2024 ثم أعادت نشره فى31/يوليو/2024 لتأكيد ما أوردته من معلومات. وأيضاً من تقارير الأمم المتحدة صدر تقرير يحمل عنوان (حرب على أجساد النساء والفتيات) أصدره مكتب المسؤولة الأممية بعد زيارة رسمية لها إلى تشاد في يوليو 2024. وذكرت “أن بعض الناجيات والشهود حددوا أن الجناة رجال مسلحين ينتمون إلى قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها”. وأيضاً تم نشر تقرير لأطباء بلا حدود في “السودانية نيوز” يتحدث عن أن ثلث جرحى حرب السودان من النساء والأطفال.
بينما رصدت حملة (نساء ضد الظلم) 50 حالة إجهاض بمعسكر “قورم” للاجئين السودانيين بجنوب السودان ووجود مغتصبات ينتظرن العلاج النفسي. تم نشر التقرير بـ”سودان تربيون” بتاريخ/25/أبريل/2024.. وتبين أن الإجهاضات تحدث لأسباب مختلفة ولكن لا يخلو معظمها من العنف النفسي الذي تتعرض له النساء بسبب الأوضاع المتردية فى معسكرات اللجوء وغيرها.
ومن أسوأ أنواع العنف الجنسي في هذه الحرب هو ما تمت ممارسته ضد الفتيات وصغيرات السن والقاصرات. رصدت (نساء ضد الظلم) بعض هذه الحالات وكانت من بينها حالة اغتصاب طفلة لم يتجاوز عمرها الـ (14 عاما) تمت أمام أعين والدتها بقرية “دردوق” في محلية بحرى بواسطة جنود من الدعم السريع حسب إفادة والديها، وبعد التحقق من الحالة بالتواصل مع أسرة الضحية تم تحويلها بواسطة (نساء ضد الظلم) إلى (منظمة صيحة) التي قدمت كل المساعدات المطلوبة واللازمة. وفي إطار احتفائنا بحملة الـ 16 يوما الخاصة بمناهضة العنف ضد المرأة تجدر الاشارة إلى أن مجلس الوزراء الانتقالي في اجتماعه في 28/أبريل/2021 أجاز مشروع البروتوكول الأفريقي لحقوق المرأة “مابوتو” وكذلك المصادقة على (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”) مع التحفظ على المواد (2)، (16)، (29/1). وبالرغم من ترحيب المجموعات النسوية بالقرار إلا إنه وجد اعتراضا كبيرا من معظمهن على التحفظات التي وردت في القرار واعتبرنه ناقصا ولا يحقق مطالب النساء وشعارات الثورة.
ختاماً.. إن العنف ضد النساء سيظل تحديا كبيرا أمام الحركات النسائية والنسوية العالمية.. وفي هذا الجانب يجب عدم الاكتفاء بمصادقة الدول وتوقيعها على اتفاقية “سيداو” بل يحتاج الأمر إلى المزيد من التدابير التي تلزم هذه الدول الموقعة بتطبيق الاتفاقية على الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى