من على الشرفة

مسمار في تقسيم السودان

طاهر المعتصم

سردت في المقال السابق نشأة وتطور وانقسام الجبهة الثورية، وحذرنا من الفصيل الذي يهرع نحو تشكيل حكومة تنازع حكومة بورتسودان، وها هي الأنباء تأتينا من نيروبي بما لا يسر البال، بظهور اسم عراب تشظي البلاد محمد حسن التعايشي وبعض قادة الثورية، وإعلان قوات الدعم السريع ترحيبها بتشكيل الحكومة في مناطق سيطرتها.

بحسب بعض المصادر حاولت سلطات بورتسودان حصار الأمر، والتواصل مع بعض دول الجوار لمنع استقبال الحكومة المزمعة، وقد نجحت في بعض مساعيها وفشلت في بعضها.

بعد أقل من شهر من اندلاع الحرب الغاشمة، كانت قوات الدعم السريع شبه العسكرية، محصورة عمليتها في العاصمة السودانية الخرطوم بعد أن فشلت عملية استيلائها على السلطة، الجيش على لسان الفريق ياسر العطا كان يصرح أن الأمر لن يستغرق سوى أسبوع أسبوعين حسب زعمه. إعلان مبادئ جدة كان يمكن إكمال خطته التنفيذية لحصر قوات الدعم الدعم السريع في معسكراتها ومحاصرة تمدد وتوسع رقعة القتال، بحسب مصادر كانت حوالي 90% من القضايا قد حسمت وقتها.

توسعت المأساة وكان الحدث الأبرز انسحاب الجيش من حاضرة ولاية الجزيرة ود مدني أمام قوات الدعم السريع بقيادة كيكل في 18 ديسمبر 2023، وكانت ولاية الجزيرة قد استوعبت الكم الأكبر من نازحي الخرطوم العاصمة، فكتب عليهم النزوح مرة ثانية بسبب الأفعال الإجرامية لقوات الدعم السريع التي لم يسلم منها إلا القليل في مناطق الاجتياح.

بعد حوالي شهر شهدت العاصمة البحرينية المنامة أهم اجتماع في الأزمة السودانية بين الفريق كباشي ونائب قائد الدعم السريع شبه العسكرية بحضور ممثلي مصر والسعودية والولايات المتحدة والإمارات والدولة المضيفة البحرين، وكاد الاتفاق يصل إلى نهاية للحرب اللعينة، لكن الفئة المستفيدة من الحرب وقفت ضده لتكسيره، وقد نجحت في ذلك للأسف.

محطة جنيف في أغسطس من العام الحالي رمت إلى إنهاء الحرب وبحث سبل إنقاذ المدنيين، أصر السودان على أن تشارك الحكومة وليس موفد للجيش، حاولت الولايات المتحدة ومصر إنقاذ الموقف، لكن تمسك الجيش بوجوب تنفيذ اتفاق جدة أولا، إعلان جدة المقصود يحتاج إلى اتفاق على آليات التنفيذ أولا قبل كل شيء.

قوات الدعم السريع بعد أن اشتدت عليها الإدانات الدولية والعقوبات على قادتها، وفشل إيجاد مخرج، وخشية وصول ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، حاولت الضغط على القوى المدنية الرافضة للحرب، ولكن منيت بخيبة أمل كبيرة برفض تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية تقدم في اجتماع هيئتها القيادية 3-6 ديسمبر الجاري بعنتبي الأوغندية.

أبناء دارفور ضمن القوى الرافضة للحرب بعد منيت محاولتهم للضغط على القوى المدنية الديمقراطية بالفشل، ذهبوا يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه في نيروبي العاصمة الكينية، خرجت الأنباء عن قيادة محمد حسن التعايشي للجهود في تشكيل حكومة توالي الدعم السريع مع بعض قيادات الجبهة الثورية ورفض الحركة الشعبية التيار الثوري.

الحكومة المزمعة قفزة في الظلام ومسمار في ظهر السودان الواحد، وإعلان الذاهبين إليها فشلهم في وقف الحرب، ومحاولة سرقة شرعية ثورة ديسمبر، ومؤكد أنه فقدان للبوصلة، وانحياز للطرف الأكثر دموية وانتهاكا للدماء السودانية، ومشاركة في فاتورة الدماء والاغتصابات والتهجير القسري.

taherelmuatsim@gmail.com

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى