المنظمة الأممية.. وخريطة الطريق!
وائل محجوب
• أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، رمطان العمامرة، “ترحيب الأمين العام بخريطة الطريق التي طرحتها الحكومة السودانية في شهر فبراير الماضي، وطلب من جميع السودانيين المهتمين المشاركة في إثراء الوثيقة، التي من شأنها أن تسهل النقاشات المطلوبة، لإعادة بناء دولة سودانية واحدة متماسكة، وقال إن البناء على الطرح الحالي، هو الخطوة التالية التي نستعد لخوضها رغم حساسيتها وصعوبتها”.
• ويعد موقف الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص العمامرة، اختراقًا كبيرًا لما ظلت تعلنه وتتمسك به الأمم المتحدة، وهي شريكة رئيسية مع الاتحاد الأفريقي ومبادرة الإيقاد في تبني الاتفاق الإطاري من قبل، كما أن هذه المجموعات ظلت شريكًا رئيسيًا في منبر جدة، وهو ينص على تصور لوقف الحرب، ومن ثم قيادة عملية سياسية تهدف إلى تسليم السلطة للمدنيين، وتتمسك بأهمية إنهاء الأوضاع القائمة في البلاد من حكم عسكري، وإعادة الحكم المدني.
• وما إن صدر موقف العمامرة، حتى صدرت ردود أفعال من قادة القوى السياسية، أبرزهم القياديان في حزب البعث والمؤتمر السوداني وجدي صالح وخالد عمر يوسف، اللذان اعتبرا مواقف الرجل والأمين العام مفارقة لما ظلت تتمسك به المنظمة الأممية، وبالتالي باتت منحازة لطرف أساسي في الصراع.
• وتتضمن خريطة الطريق لمرحلة ما بعد الحرب التي طرحتها قيادة الدولة وفق الخارجية السودانية في فبراير الماضي:
– إطلاق حوار وطني شامل لكل القوى السياسية والمجتمعية.
– الترحيب بكل مَن يقف موقفًا وطنيًا ويرفع يده عن المعتدين وينحاز للصف الوطني.
– تشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة لاستئناف مهام الفترة الانتقالية، وإعانة الدولة على تجاوز تبعات الحرب.
– إجراء التعديلات القانونية اللازمة في الوثيقة الدستورية، واجازتها من القوى الوطنية والمجتمعية.
– اختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي للدولة دون تدخل.
– إلقاء السلاح، وإخلاء الأعيان المدنية لأي محادثات مع التمرد.
– رفع الحصار والانسحاب، حيث تتضمن أيضًا عدم القبول بالدعوة لوقف إطلاق نار ما لم يُرفع الحصار عن الفاشر (مركز ولاية شمال دارفور)، على أن يتبع وقف إطلاق النار الانسحاب من الخرطوم وغرب كردفان وولايات دارفور”.
• ومن الواضح أن خطوة الأمين العام للأمم المتحدة ونائبه المرحبة بخريطة الطريق، تأتي في ظل تعقيدات شتى يواجهها الوضع السوداني، سواء على الصعيد العسكري، أو من خلال ما جرى في العاصمة الكينية نيروبي مؤخرًا من توقيع على الميثاق التأسيسي للحكومة الموازية، التي اعتبرتها المنظمة الأممية والاتحاد الأفريقي وعدد من الدول العربية مهددًا مباشرًا لوحدة السودان، وخطوات لتقسيمه، لذلك فإن هذه التأييد لخريطة الطريق جاء كرد فعل لحالة الجمود السياسي وانسداد الأفق التي تحاصر هذا الملف لما يزيد عن عامين، ويمكن أن تفتح الباب لاستئناف الحوار، بعد عامين من نزيف الدم بلا توقف.
• لقد وصل الوضع في السودان، جراء الحرب وتعدد الجيوش والمليشيات، وما تمخض عن الميثاق التأسيسي من تحالف جديد وضعًا شديد الخطورة ينذر بتوسيع نطاق الحرب، بشكل غير مسبوق وجر أطراف إقليمية لساحتها، وتحدث هذه التطورات في ظل الفشل الذريع لمنبر جدة في إحداث أي خطوات تعيد الطرفين المتحاربين لطاولة التفاوض والحوار، لذلك فإن طرح هذه الخريطة لن تراه قوى مختلفة سوى إنه اختراق يفتح الباب للحوار، بينما لن تراه قوى عديدة خلاف كونه تكريسًا لحكم عسكري قادم تحت غطاء الحرب وعاصفتها.