سجن ود مدني.. أمراض فاتكة وانتهاكات صارخة بحق المعتقلين

أفق جديد

تعيش مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان؛ أسوأ كارثة إنسانية، في ظل تكدس السجن الكبير بآلاف المساجين الذين يعانون من تفشي الأوبئة والأمراض الفتاكة خاصة “الكوليرا” والملاريا وحمى الضنك.

وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، صورًا من داخل السجن تكشف حجم الانتهاكات والإهمال وسوء المعاملة المقبوضين بتهمة التعاون مع قوات “الدعم السريع” إبان سيطرتها على المدينة  منتصف ديسمبر من العام 2023.

وفي أعقاب حصار مُحكم من عدة محاور نجح الجيش  السوداني وحلفاؤه، في يناير الماضي، في السيطرة على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، وسرعان ما بدأت عمليات القبض الضرب والتنكيل بحق بعض المواطنين بتهمة التعاون والتآمر والتخابر مع قوات الدعم السريع.

يقول المواطن أنور عبد الله “اسم مستعار”، “حاولت الوصول إلى سجن ود مدني للقاء شقيقي المتهم بالتعاون مع قوات الدعم السريع، لكن دون جدوى. الوصول إلى هناك مستحيل.”

وأضاف عبد الله وهو يتحدث لـ”أفق جديد”، “وصلتنا المعلومات بأن المساجين يعيشون أوضاعًا بالغة الخطورة في ظل تفشي الأمراض وغياب الرعاية الصحية.”

وتابع، “علمت أن شقيقي مصاب بالملاريا، وحالته الصحية متدهورة، لكنني لم استطع فعل شيء.”

ومضى قائلًا: “ما يحدث داخل السجن ممارسة غير أخلاقية وفعل غير إنساني. كل ما نطلبه توفير الرعاية الصحية داخل السجن، وتقديم المتهمين لمحاكمات عادلة.”

من جهتها تقول نعمات الهادي (47) عامًا “اسم مستعار”، “أشعر بالغضب لمنعي من زيارة سجن ود مدني لمقابلة شقيقي المتهم بالتعاون مع المتمردين.”

وأوضحت نعمات في حديثها لـ”أفق جديد”، أن المعلومات التي وصلت إلى الأسرة من داخل السجن توضح بجلاء حجم الكارثة والتهاون بحق المقبوضين دون إجراءات تقاضي معروفة.

وأضافت، “شقيقي أصيب بوباء الكوليرا في ظل انعدام الأدوية والمحاليل الوريدية داخل السجن. نخشى أن يموت هناك.”

وتابعت، “وصلتنا معلومات بوفاة العشرات داخل السجن بسبب الكوليرا. لكننا لن نستطيع القيام بأي تحركات.”

وزادت، “نتمنى علاج المرضى داخل السجن، وتوفير الحياة الكريمة لكل المسجونين.”

بالنسبة إلى الحسين بابكر “اسم مستعار” وهو ضمن فريق الشرطة المجتمعية بمدينة ود مدني، فإن “سجن مدينة ود مدني، أشبه بحظيرة البهائم بسبب تكدس المتهمين دون إجراءات قانونية.”

وأوضح بابكر في حديثه لـ”أفق جديد”، أن المساجين يعانون أمراض فتاكة مثل الكوليرا والملاريا، وحمى الضنك، دون تلقي أي علاج.”

وأضاف، “الحرمان من العلاج نوع من العقاب بحق المساجين هناك كعقوبة إضافية، وهي جريمة إنسانية.”

وتابع، “الأوضاع داخل السجن تهدد بكارثة إنسانية. نأمل أن تتدخل الجهات العليا لتحسين الأوضاع وتهيئتها بما يضمن سلامة المسجونين.”

وأشار إلى أن السجن يُعاني من انقطاع الكهرباء والمياه ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.

بالنسبة إلى الناشط محمد خليفة، فإن الأوضاع داخل سجن ود مدني مأساوية إلى أبعد الحدود، وأن “الكوليرا” بدأت في الانتشار والتفشي، وبلغ عدد المتوفين 33 سجينًا ومئات المصابين.

وذكر خليفة عبر صحفته الرسمية عبر “فيس بوك”، أن انتشار “الكوليرا” بهذا الشكل داخل السجن سببه انعدام المياه وحرمان المساجين من الماء بعد قضاء حاجتهم في الحمامات (دورات المياه) الطافحة أصلًا، بالإضافة إلى تراكم الأوساخ داخل السجن.

وأوضح أن الوضع أدى إلى تكاثر الذباب وانتشاره في السجن، وأن إدارة السجن لا تحرك ساكنًا، وجنودها يبيعون الماء للمساجين بأسعار فلكية، وبعد جلب المياه القليلة يتدافع إليه المساجين فينتهي سريعًا.

ونبه خليفة، إدارة السجن رفضت عزل المصابين عن بقية المساجين في بادئ الأمر، عندما بدأت حالات “الكوليرا” في الانتشار، وظل الضباط والجنود يرددون “ما يموتوا يعني شنو ما دعامة.”

وأكد أن وزارة الصحة الولائية أقرت بانتشار وباء “الكوليرا”، وخصصت عنبر لحجز المصابين بالمرض، في ظل وجود عدد يوجد عدد من الكوادر الطبية المعتقلين تحت مسمي متعاونين، واجبرتهم للعمل في عنبر العزل بحجة عدم توف أطباء من الخارج، وأن هؤلاء الأطباء المعتقلين يعملون مجبرين داخل السجن دون أي وقاية كافية، و مهددين بالإصابة في لحظة.

وأوضح خليفة، أن وزارة الصحة أحضرت مستلزمات طبية لا تكفي عشرة مصابين بوباء “الكوليرا”، والمصابين بالمئات، لذلك يشهد السجن وفيات كبيرة تتزايد يومًا بعد يوم، نسبة لعدم توفر الرعاية الصحية اللازمة.

وحسب خليفة، فإن إدارة السجن أُصيبت بالهلع في أعقاب موت المساجين المتصاعد، وبعد أن بدأت الأخبار تتسرب إلى خارج السجن، قامت بنقل 60 مُصابًا إلى مستشفى ود مدني دون القيام بأي إجراءات احترازية، فأصبحت المستشفى نفسها مهدد كبير للمدينة.

ويخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، حربًا خلفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفًا.

وتتصاعد دعوات أممية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى