من الفاشر إلى “طويلة”.. مأساة النزوح والجوع والألم 

أفق جديد

يتواصل النزوح من مدينة الفاشر ومعسكراتها، بالإضافة إلى منطقتي شقرة وأم هجليج المجاورتين إلى منطقة “طويلة” بولاية شمال دارفور، بسبب الحصار والقصف والعشوائي، وعلى مدار 3 أيام وصلت 186 أسرة تمثل حوالي ألف و116 فردًا.

وتعرضت مخيمات “زمزم” و”أبو شوك” لقصف مدفعي من قوات “الدعم السريع” يوم 5 أبريل الجاري. قُصف مخيم “زمزم” نهارًا و”أبو شوك” في وقت متأخر من المساء، دمّر القصف البنية التحتية والمنازل، لكن تفاصيل الخسائر لم تكتشف بعد.

تتفاقم معاناة سكان الفاشر يومًا بعد يوم من جميع النواحي، حصار، قصف، جوع، جفاف، مرض، نقص في السيولة النقدية، والغذاء والدواء، وأزمة مياه.

وأظهرت مقاطع فيديو تلقتها “أفق جديد”، نازحين فارين من الفاشر ومخيماتها ووصلوا إلى منطقة “طويلة” في السادس من أبريل الجاري يواجهون ظروفًا إنسانية بالغة التعقيد. واجهوا العطش والانتهاكات على طول الطريق بين مخيم “زمزم” ومنطقة “طويلة” التي تخضع لسيطرة حركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور.

وفي 5 أبريل الجاري نزح ما يقارب 90 أسرة تضم 489 فردًا معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن ويحتاجون إلى المأوى والدواء والغذاء.

وصلوا في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة وهم بحاجة إلى الضروريات الأساسية كالطعام والدواء ومياه الشرب والمأوى وغيرها من الضروريات الأساسية.

يواجه هؤلاء النازحون ظروفًا إنسانية صعبة، بعد أن فقدوا جميع احتياجاتهم الأساسية والحرمان من العيش الكريم، ويحتاجون إلى الغذاء والدواء والمأوى.

وصل النازحون المرهقون إلى منطقة “طويلة” سيرًا على الأقدام وعربات الكارو التي تجرها الدواب، لكنهم يحتاجون إلى مساعدات إنسانية طارئة تشمل الغذاء ومياه الشرب والمأوى والعلاج الطبي والأدوية.

وناشد المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، آدم رجال، المنظمات الإنسانية والخيرية تقديم المساعدات العاجلة لهؤلاء المتضررين في منطقة “طويلة” التي أصبحت منطقة آمنة بعيدًا عن العنف والدمار.

وحسب المتحدث الرسمي، فإن النازحين يعانون الجوع وسوء التغذية وسط الأطفال، وأن الوضع طارئ ويحتاج إلى تدخل سريع من المنظمات الإنسانية.

تقول النازحة فاطمة اسحق (42) عامًا “نزحت من أم هجليج في ريف الفاشر، ووصلت يوم 5 أبريل إلى منطقة طويلة. لدى أطفال أيتام، وقد أخذوا جميع ممتلكاتي. لم يتركوا لي شئيًا. أشعر أنهم بحاجة إلى الطعام والفرشات والأغطية والأدوية.”

من جهتها قالت النازحة عائشة أحمد (35) عامًا، “نزحت إلى منطقة شقرة ووصلت يوم 5 أبريل إلى منطقة طويلة”. تروي تجربتها المريرة قائلة إنها فقدت جميع ممتلكاتها في المنزل، ولا تملك حاليًا أي شيء. استقرت تحت ظلال الأشجار في طويلة. وهي منطقة آمنة ومستقرة لكنها بحاجة إلى الغذاء والدواء والمأوى والماء من المنظمات الإنسانية.

وروت النازحة فتينة التوم عبد الله حسن، التي فرت من وادي “شقرة” إلى منطقة “طويلة” يوم 4 أبيل قصصً مروعة والمعاناة التي واجهتها في الطريق. تقول إنها فقدت ثلاثة أطفال، ولا يُعرف مكانهم، أحياء أم أمواتًا. وهم الآن في حاجة ماسة إلى الطعام.

كما روت النازحة نسيبة نور الدين آدم التي نزحت من مخيم “زمزم” بالفاشر إلى منطقة “طويلة” معاناة لم تختبرها من قبل على الطريق. تقول عبر فيديو مسجل إنهم فقدوا جميع الضروريات الأساسية ويعانون من جوع شديد، ويحتاجون بشدة إلى الطعام ومياه الشرب والمأوى والعلاج الطبي والأدوية المنقذة للحياة.

النازحة تومة آدم حسن، هربت من منطقة “شقرة” وصلت يوم 4 أبريل إلى منطقة “طويلة”. فقدت جميع ممتلكاتها في “شقرة” وتناشد المنظمات الإنسانية توفير الطعام والأغطية والملابس.

أما النازحة رشيقة عبد الله علي، نزحت من مخيم “أبوجا” إلى مناطق مختلفة، ووصلت أخيرًا يوم 4 أبريل إلى منطقة “طويلة”. تروي تجربتها المريرة في الفاشر، وغلاء أسعار المواد الغذائية وفقدان الأسر بسبب الحرب. وتدعو أطراف النزاع إلى وقف الحرب. واعتبرت أن الناس جميعًا أقارب من هناك وهناك، ولا داعي لاستمرار الحرب.

 كما تحدثت إحدى النازحات من منطقة “شقرة” التي وصلت إلى منطقة “طويلة” بولاية شمال دارفور بكل أسف عن الظروف الصعبة التي عاشوها وفقدانهم كل مقومات الحياة الأساسية.

كما ظهر في مقطع فيديو النازح عبد السلام علي آدم الذي فرّ من أطراف “شقرة” ووصل إلى منطقة “طويلة” بولاية شمال دارفور بعد رحلة شاقة للغاية على طول الطريق برفقة الأطفال والنساء وكبار السن في عربات الكارو.

كما وصل الطفل إبراهيم علي أحمد، النازح من مخيم “زمزم” بالفاشر إلى منطقة طويلة في 7 أبريل الجاري. يقول إنهم تعرضوا لاعتداءات جسدية في الطريق وعانوا العطش والجوع لمدة يومين.

وصل هؤلاء إلى “طويلة” بعد 3 أيام سيرا على الأقدام وعلى عربات الكارو التي تجرها الدواب. بعد الوصول قال إنه نُقل إلى مستشفى “أطباء بلا حدود” الفرنسي في “طويلة” لتلقي العلاج ويشكر لجنة الاستقبال الميداني في طويلة.

بينما تحدثت النازحة سمية حسن عيسى محمد، التي نزحت من “شقرة” إلى مخيم “زمزم” ووصلت أخيرًا يوم 6 أبريل الماضي إلى منطقة “طويلة”، عن الظروف القاسية التي مرت بها من إذلال ومعاناة وجوع لمدة ثلاثة أيام بلا طعام وماء وأشياء أخرى.

النازحة تاجة ضو البيت إبراهيم نزحت من “شقرة” إلى منطقة “طويلة” ووصلت يوم 4 أبريل في ظروف إنسانية قاسية ومحزنة. تطالب بتوفير المأوى والغذاء، وفتح الطريق الرابط بين الفاشر و”شقرة” و”طويلة” ليتمكن بقية المتضررين من مغادرة الفاشر والقدوم إلى منطقة “طويلة”.

كما نزحت أزهار محمد عمر من مدينة الفاشر إلى مخيم “أبوجا” ثم “شقرة”، ثم مخيم “نيفاشا”، ثم إلى منطقة “طويلة”. بعد ضغوطات المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة المياه اضطرت إلى النزوح إلى منطقة “طويلة”. وهم الآن في أمس الحاجة إلى الغذاء والدواء ومياه الشرب والمأوى.

وفاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور، خاصة في مخيمات النازحين، إثر تسبب الاشتباكات الناجمة عنها في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.

وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.

وأُنشئت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة.

ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى