القاهرة: مشاركة سودانية كبيرة في ختام حفل تأبين شاعر الوطن محمد المكي إبراهيم

 

القاهرة- محمد إسماعيل

شهدت العاصمة المصرية القاهرة، مساء الاثنين 4/مايو 2025، فعاليات تأبين الشاعر والدبلوماسي السوداني الراحل محمد المكي إبراهيم، في أمسية ثقافية احتضنتها الجامعة الأمريكية، بحضور نخبة من المثقفين والشعراء والدبلوماسيين والصحفيين والمهتمين بالأدب السوداني.

اشتهر محمد المكي بلقب شاعر الأكتوبريات، نظرًا لمشاركته في الحركة الشعرية التي تأثرت بثورة أكتوبر 1964. وكان من أبرز مؤسسي تيار الغابة والصحراء، الذي سعى إلى التعبير عن الهوية السودانية، كما عُرف باللقب المحبب إليه ود المكي. ألّف عدة دواوين شعرية منها (أمتي) و(بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت)، وأصبحت قصائده جزءًا من الذاكرة الثقافية والسياسية في السودان.

أشرف على إعداد حفل تأبين الراحل محمد المكي إبراهيم لجنة عليا برئاسة السفير جمال محمد إبراهيم، وتدفقت إلى قاعة الجامعة الأمريكية أعداد كبيرة من السودانيين المقيمين بالقاهرة للمشاركة في الاحتفاء بشاعر الوطن، الذى توفي بالقاهرة في التاسع والعشرين من سبتمبر 2024.

تلاقح أجيال:

كان الحضور كبيرًا من الأدباء والشعراء والصحفيين والموسيقيين والمثقفين، كما كان لاقتًا حضور عنصر الشباب من الجنسين، إذ ضمت المناسبة بين أجيال مختلفة أجبرتها الحرب على اللجوء إلى قاهرة المعز، وجمع بينهم ود المكي الحاضر الغائب.

اشتمل البرنامج على العديد من الفقرات الإبداعية، وقدم فقرات الحفل الدكتور أكرم الشحات، عضو اتحاد أدباء مصر. وجاءت كلمة الافتتاح رصينة من السفير جمال محمد إبراهيم، رئيس اللجنة، مستعرضًا فيها المسيرة الحافلة للشاعر، ومسلطًا الضوء على تأثير أسفاره وتجواله في تشكيل رؤيته الشعرية والإبداعية الفريدة. كما أكد على المكانة الرفيعة التي تبوأها محمد المكي إبراهيم في المشهدين الأدبي والدبلوماسي على حد سواء.

حضور المسرح والغناء :

قدمت في الأمسية فواصل غنائية وطنية مسلتهمة من قصائد الشاعر، أبرزها (أكتوبر الأخضر) التي تغنى بها الفنان محمد وردي في ستينيات القرن الماضي، وأداها الفنان سليمان محمد سليمان، ولاقت تجاوبًا كبيرًا من الجمهور. كما شهد الحفل عرضًا مسرحيًا للدرامي سيد عبد الله صوصل، مأخوذًا من إحدى قصائد ود المكي (شيء)، وعن صوصل فهو مخرج وممثل له مشروعه الفني الخاص، معروف بحسه الفني الرفيع، وخياله الخصب في الخروج إلى المشاهد بأعمال مسرحية غير مألوفة الشكل والمعالجة والإخراج إلا أنها تغوص عميقًا في جذور المشكلات وهموم الناس، إذ يحاول دائمًا أن يطرح أفكاره بطريقته الخاصة ليبعث برسائل مسرحية جادة، كما يمتاز بمقدرته العالية في تجسيد مسرح الرجل الواحد في تجربة شكلت نقطة تحول جريئة في المشهد الثقافي السوداني .

كانت فرقة (عقد الجلاد) الغنائية حضورًا كذلك في الحفل، وقدمت أغنية من تأليف الراحل محمد المكي بعنوان (فرح في حديقة شوك قديم،) وأيضًا أغنية للراحل محجوب شريف (يابا مع السلامة)، التي تعتبر واحدة من أغنيات عقد الجلاد في سنوات التأسيس الأولى، قام بتلحينها شمت محمد نور.

وشارك في الحفل عرض مسرحي بعنوان (العودة) تمثيل طارق علي وهند زمراوي، استلهم المخرج قصيدة محمد المكي إبراهيم (بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنتِ)، قدم جمالية القصيدة للراحل وإبراز دعوتها للتمسك بالحياة قدر الإمكان، وأن تعكس حركات الرقص التعبيري كلمات القصيدة بكل ما فيها من حب وجمال وحديث عن الروح والجسد والمكان.

فرقة التبر الموسيقية كانت حاضرة أيضًا وقدمت العديد من المقطوعات الموسيقية بمشاركة الفنان هشام كمال، والفنان محمد حسين، وأوركسترا (التبر)، وهي تستهل انطلاقتها الموفقة من القاهرة قبل عامين، تعلن عن اكتمال منظومة عميقة من المعرفة والتجربة والممارسة. الفرقة بقيادة الموسيقار الدكتور كمال يوسف، تجسد امتدادًا للعديد من مشروعات البحث التطبيقي في تكوينات ودراسة المزاج السوداني إدراكًا وممارسة، وقائد الأوركسترا الدكتور كمال يوسف ظل خطًا ناظمًا لمسبحة المشهد الموسيقي في السودان.

أصوات سودانية:

جاءت مشاركة مجموعة أصوات سودانية بقيادة الموسيقار الصافي مهدي، وقدمت أنشودة (أمتي)، قدمها الفنان نادر طلسم. أصوات سودانية مجموعة موسيقية بقيادة الموسيقار الصافي مهدي، ودشنت العام الماضي باتحاد تجمع الفنانيين السودانيين بمصر، وشاركت في العديد من الأمسيات الموسيقية في القاهرة، وأولى مشاركاتها كانت بالجامعة الأمريكية.

هذا وقد ألقى الشاعر الكبير عبد القادر الكتيابي كلمة في حق شاعرنا محمد المكي إبراهيم، وقدم قراءات شعرية من أعمال ود المكي.

معرض تشكيلي مصاحب:

وشهد حفل التأبين معرضًا جماعيًا لمجموعة من التشكيليين السودانيين من بينهم سوزان إبراهيم وغسان البلولة. وضم المعرض أعمالًا تنوعت بين الرسم والتصوير.

كلمة مؤثرة :

ألقت السيدة الجليلة سمية إبراهيم إلياس، أرملة الراحل، كلمة رصينة عددت فيها أداور الشتاعر والدبلوماسي محمد المكي إبراهيم، وإسهامه في ترجمة هموم المجتمع وآماله واهتمامه بقيمة العطاء الإنساني. كانت كلماتها معبرة ومؤثرة عن سيرة وحياة الراحل، وقدمت في نهاية كلمتها التعازي للشعب السوداني، واختتمت بأبيات من قصيدته الأكثر شهرة التي تغنى بها الراحل محمد وردي في العام 1970 (جيلي أنا).

وفى نهاية الأمسية تم تكريم أسرة الراحل محمد المكي إبراهيم، واختتم الحفل بأنشودة أكتوبر الأخضر.

من المحرر:

برع محمد المكي في استعمال الرمزية لتعميق الأفكار والعمل على التغيير، ومخاطبة العقول ونشر فضيلة الحرية بوصفها قيمة وحقًا سماويًا. كان يدعو لجيل متسلح بالعلم والمعرفة، وتفتقت آفاق شاعرنا محمد المكي مع شلة من أبناء جيله في التعبير عن الهوية السودانية، فكانت (الغابة والصحراء) للبحث عن هويتنا الهجين بين العرب والأفارقة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى