كشف كواليس مفاوضات دمج الدعم السريع ونفى التحالف معه

خالد عمر يوسف لـ”أفق جديد” “2-2”:

 

– التعويل على السودانيين أساس الحل.. ونسعى لعلاقة حميدة مع الجيش

– الانقلاب أغلق باب الحل السلمي.. وكنا نحذر من الحرب قبل اندلاعها

– هدفنا الأسمى وقف الحرب

– حملات التشويه لن تهزمنا.. وموقفنا ضد الحرب ثابت

يأخذ البعض على “صمود” أنها أكثر فاعلية عندما يتعلق الأمر بالحراك الدبلوماسي الإقليمي والمقاربات الدولية، مع إهمال بائن لاتجاهات الجماهير..

نحن في خطابنا وعملنا وحركتنا التعويل الأساسي من جانبنا على السودانيين أنفسهم، ودائما ما نقول بشكل مستمر أن الدور الإقليمي والدولي هو دور مساعد وليس رئيسي، والدور الرئيسي حق السودانيين أنفسهم، وحتى في الحراك الخارجي في العواصم المختلفة حراكنا وسط السودانيين المتواجدين في البلدان المختلفة أكثر من تواصلنا مع المجتمع الإقليمي والدولي، لكن نعتقد أن التواصل مع الخارج ليس للتعويل على الحلول الخارجية، لكننا نفتكر أن الدور الخارجي مهم في مساعدة السودانيين للوصول إلى حل وبالتالي هي جبهة لا نريد إهمالها لكن بكل تأكيد الأولوية دائما وأبدا للتواصل مع السودانيين وصولا للحل السوداني.

لدينا محور متصل باللحظة الفارقة في حياة السودانيين.. لحظة 15 أبريل.. ماذا حدث؟

بكل تأكيد التوترات بين الجيش السوداني والدعم السريع يعود تاريخها إلى الفترة الانتقالية، و مجهوداتنا منذ ذلك الوقت لم تتوقف، وكيفية إيجاد حل لمشكلة تعدد الجيوش بدلا أن تذهب البلاد نحو الحرب لأن قناعتنا أنه غير الدمار الذي تجلبه الحرب فإنها لن تعالج موضوع تعدد الجيوش بل بالعكس تفاقم الوضع و تزيده سوءا، لذلك كنا نعول للوصول إلى حلول قبل ما يقع الفأس في الرأس، ومن أهم المبادرات المعلنة غير الحوارات الكثيرة التي تمت خلال الفترة الانتقالية بمبادرات مختلفة وأهمها مبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وهي مبادرة معلنة ولأول مرة يتم الحديث بشكل معلن عن ضرورة دمج الدعم السريع في الجيش، وهي مبادرة لم تأتي من الجيش وإنما جاءت من رئيس الوزراء ومن القوى المدنية، وعلى الرغم من ذلك من الأولويات للقوى المدنية فالجيش والدعم بعد 4 أشهر من تلك المبادرة نفذوا الانقلاب الذي أنهى فرصة النقاش سلما حول كيفية الوصول إلى الجيش الواحد.

إذن فشل اتفاق 21 نوفمبر الذي وقعه حمدوك، كيف تعاملت القوى المدنية، وتحديداً قوى الحرية والتغيير، مع التوترات المتجددة بين المكونين العسكريين؟

بعد الانقلاب الناس لم تتعامل مع المسألة بمرارة شخصية تجاه الطرفين، وكانت هناك محاولات عديدة، رئيس الوزراء نفسه عندما وقع اتفاق 21 نوفمبر تحدث عن الاتفاق لحقن الدماء ومنع البلاد من الانزلاق لحرب أهلية، وهو تقديره الذي وقع بموجبه الاتفاق، وعندما لم يمض الاتفاق نجو وجهته الأساسية ورئيس الوزراء استقال من منصبه، عاد التوتر مرة أخرى بين الجيش والدعم السريع. وقتها الناس رفضت الانحياز لأي طرف من الطرفين في تلك القضية. في شهر سبتمبر 2022 أصدرت الحرية والتغيير أصدرت بياناً تفصيليا خاطبت به الشعب السوداني، بوجود توتر بين الجيش السوداني والدعم السريع.

(مقاطعة).. ما مضمون البيان؟

ذكرنا في البيان بوجود توتر بين الجيش والدعم السريع، وأن عناصر النظام البائد ترمي لخلق شقة إضافية بينهما، وأننا في الحرية والتغيير نعتقد أن القوات المسلحة ملك للشعب السوداني وهي مؤسسة عريقة اقتربت من إكمال مائة سنة، وأن القوات المسلحة تضررت من مغامرات الانقلابيين ومشاريع المستبدين، وأن المؤسسة العسكرية تظل دوما موقع احترامنا وتقديرنا، وأن المؤسسة العسكرية تضررت من الجبهة الإسلامية والمؤتمر الوطني، وأن الثورة كانت فرصة ذهبية لإعادة بناء المؤسسة العسكرية وتعميق المشاعر بينها وبين المكونات الشعبية والمدنية، ونحن دائما في الحرية والتغيير سنظل نضع دائما قضية الوصول إلى جيش واحد كأولية قصوى لا يجب أن تسقط عن أي مشروع انتقال مدني ونفرق بين موقفنا من الانقلابين وموقفنا من المؤسسة العسكرية، لذلك ندعو جماهير شعبنا ولجان المقاومة للانتباه لمخططات النظام البائد التي تستهدف إشعال فتنة وطنية. هذا نص ما قلنا به في ذلك التاريخ. الحرية والتغيير أعلنت ذلك البيان في شهر 9 العام 2022 وبناء على ذلك كانت عمليات حوار رسمية وغير رسمية مع الطرفين لتجنب الانزلاق للحرب أثمرت الاتفاق الإطاري في شهر ديسمبر، والنقاشات التي أعقبت ذلك الاتفاق، ووصل بعد ذلك إلى اتفاق 15 مارس وهو اتفاق موقع بين الطرفين حول أسس ومبادئ الإصلاح الأمني والعسكري ومراحل الدمج وأشكاله بموافقة قيادة الطرفين وتم تكوين لجنة فنية مشتركة لإكمال التفصيلات حول المسألة.

من الذي بادر بطرح قضية دمج الدعم السريع في الجيش ضمن نقاشات الإطاري، وما المبادئ الأساسية التي تم الاتفاق عليها للإصلاح الأمني والعسكري؟

“قضية دمج الدعم السريع في الجيش أثارتها القوى المدنية في الاتفاق الإطاري نفسه، وقالت إنه لن يحدث سلام وانتقال ديمقراطي في حال وجود جيوش متعددة في البلاد، بالتالي جزء من معادلات العودة لمسار الانتقال أن يجد الناس حلا لمسألة الإصلاح الأمني والعسكري، والأسس التي وضعت واضحة أن الدعم السريع يجب أن يُدمج في الجيش، والجيش يجب أن ينقى من أي وجود حزبي من أي جهة وأن يكون قومي ومهني خارج السياسية.

ما أبرز نقاط الخلاف التي ظهرت خلال التفاوض؟

عندما بدأ الناس في نقاش التفصيلات وتحويل المبادئ الأساسية التي وردت في الاتفاق الإطاري كان الموضوع عبر لجنة من الحرية والتغيير والبرهان وحميدتي، وكان هناك تباعد في الموقف بينهما حول مسألة مدة الدمج، الدعم السريع كان يطالب بمدة طويلة في الدمج تصل إلى قرابة 20 عاما، وقيادة الجيش كانت تطالب بمدة قصيرة للدمج تتراوح ما بين سنتين إلى أربعة سنوات وبعد حوارات طويلة قيادة الجيش قالت إنه يمكن أن توافق على مدة أطول نسبيا إذا ما وافق الدعم السريع على توحيد القيادة من اليوم الأول. كانت قيادة الجيش تعتقد إذا كانت هناك قيادة واحدة دون وجود قيادتين لجيشين منفصلين فإن الوضع سيكون قابلا للاحتواء دون وجود لتعدد الجيوش. الدعم السريع أولا لم يكن موافقا على هذا الوضع لكن عندما استمر النقاش وافق على أن يكون الدمج في مدة لا تتجاوز العشرة سنوات وتوحيد القيادة.

تُتهم القوى المدنية أحياناً بتبني خطاب عدائي تجاه القوات المسلحة. كيف تردون على هذه الاتهامات، وما رؤيتكم للعلاقة بين المدنيين والمؤسسة العسكرية؟

لا يوجد خطاب عدائي تجاه القوات المسلحة، بل بالعكس تماما كان إيجابي تجاهها مع الحديث عن الإشكالات التي حدثت داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية بفعل النظام السابق بشكل واضح. الجبهة الإسلامية القومية باعتراف قادتها واعتراف قادة القوات المسلحة بنت خلايا داخل القوات المسلحة، وأحالت أعداداً واسعة من الضباط النظاميين للصالح العام لزيادة تأثيرها ونفوذها داخل القوات المسلحة. خلقت جماعات مسلحة موازية بالتالي التشوهات التي تكونت داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية هي تمت بفعل فاعل وهو النظام السابق. نحن نعتقد أن الثورة نفسها جاءت لتهيئة فرصة ومناخ جديد لمعالجة التشوهات بفعل هذا النظام السابق. لكن أعتقد أن جهات كثيرة لديها المصلحة في تصوير المسألة بأنها مشكلة بين المدنيين والعسكريين، لكن المشكلة من وجهة نظرنا بين السودانيين الذين يريدون التغيير في السودان، والآخرين الذين يريدون إعادة السودان إلى عهود الهيمنة للنظام السابق وهؤلاء لديهم وجود في الصف المدني والعسكري، وباستمرار يسعون لتعكير الأجواء وخلق انطباع أن المدنيين يناهضون الجيش، نحن باستمرار نسعى لإيجاد علاقة حميدة بين المدنيين والعسكريين لمشروع واحد والسلام والتحول المدني الديمقراطي والحفاظ على وحدة السودان وسيادته وأمنه دون تجاذبات ليست ذات قيمة.

من العبارات التي تقال في سياق تأليب القوى المدنية في الحرية والتغيير على الجيش مقولة “الإطاري أو الحرب”..

فيما يتعلق بعبارة “الإطاري أو الحرب” حديث الأستاذ بابكر فيصل كان واضحا؛ أن البلاد الآن في طريقها إلى الحرب، وتوجد عملية سياسية يمكن أن تجنب البلاد الحرب، وإذا فشلت تلك العملية السياسية أو أُفشلت فإن ذلك يؤدي إلى الحرب، لذلك قال هذا هو طرحنا، وإذا أًفشل ذلك الطرح لأي سبب من الأسباب في النهاية فإن البلاد ستهذب نحو الحرب وقد كان وكلامه صحيح، والناس التي كانت تهاجم الاتفاق الإطاري ليس بإمكان أحدهم أن يقول إن الوضع الحالي هو الأفضل مما كان عليه في السابق. وهي مقولة مقتطعة من سياقها ومحورة تماما تقود إلى عكس المعنى الذي قيلت به.

الجبهة الإعلامية للقوى المناهضة للحرب مهملة تماما من وجهة نظر مراقبين.. ما تأثير ذلك؟

القصور في الجبهة الإعلامية ليس مضرا بمسألة السلام فقط، بل أضر في مرحلة من المراحل بالفترة الانتقالية، والقوى الشمولية وقوى الحرب لديها موارد ضخمة تستثمرها إعلاميا في التضليل والكذب، على عكس الإعلام الآخر الذي يقوم على سرد الحقائق، لكن الملاحظة صحية تماما بأن القصور صاحب الجبهة الإعلامية بكل تأكيد وأثر على الانتقال وأطال أمد الحرب الآن ولا بد من معالجة ذلك القصور لعدم إطالة الحرب لمدى أطول.

 

لماذا تحالفتم مع الدعم السريع؟

أصلا الحديث عن وجود تحالف بيننا والدعم السريع كذب لأن الحقيقية أن التفاوض حول الوصول إلى الحل للاتفاق الإطاري تم مع الجيش والدعم السريع، مع الجيش في مرحلة من المراحل كان متقدما على الدعم السريع، بالتالي الاتفاق الإطاري ليس بين الحرية والتغيير والدعم السريع، بل بين الحرية والتغيير والقوات المسلحة والدعم السريع. قبل الحرب بين أو يومين الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة أصدر بياناً، وأعلن تمسكهم بالاتفاق الإطاري، والقوات المسلحة إذا كان لديها موقف سلبي من الاتفاق الإطاري وتعتقد أنه هو اتفاق يصب في مصلحة الدعم السريع أو بين القوى المدنية والدعم السريع لم يكن للقائد العام للقوات المسلحة أن يوقع عليه. وما أكد عليه الناطق الرسمي للقوات المسلحة قبل يوم أو يومين من الحرب. قبل الحرب نحن الجهة الوحيدة التي تحدثت باستمرار عن قدومها ولا بد من تجنبها، وصممت مبادرات مُعلنة لتلك المسألة سواء في بيانات أو لقاءات أو غيره، بالتالي إذا كانت هناك جهة ما تخطط للحرب فلن تسعى قبل الحرب لتقديم مبادرات لعدم قيامها. الحرب عندما اندلعت صباحا فإن قوات الدعم السريع استلمت القصر الجمهوري والإذاعة فالطبيعي أن كانت الحرية والتغيير جزء من مخطط انقلاب كما يتهمها البعض أن تستلم السلطة وتؤيد انتصار الدعم السريع، موقف الحرية والتغيير صباح الحرب، أنها أصدرت بيانا رافضا لها، بالتالي على عكس من دبروا الحرب فعليا هم من أطلقوا الرصاصة الأولى وأعلنوا يوم الحرب أنهم معها، الطرف الذي يسعى لتجنب الحرب قبل اندلاعها، ويقف ضدها من أول يوم، ويقف ضدها أيضا بعد عامين من اندلاعها، هو فعلا ليس له علاقة بالحرب، لكن الطرف الذي عبأ للحرب قبل اندلاعها وأعلنها ودعمها من أول ولا يزال يدعمها بعد سنتين هو الطرف الذي يقف مع الحرب. ومن يدعي بامتلاك أدلة فغير تلك الأكاذيب لا يوجد شيء آخر، لكن موقفنا واضح وصريح ومتسق وثابت ولم يتغير أننا ضد الحرب ولم ننحاز لأي من أطرافها.

مناوي قال إنه التقاكم في منزل قائد الدعم السريع، وهناك أحاديث عن هايس و…

رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، ذكر أنه التقانا في منزل قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، فما الذي يجعل مجيئه حلالاً ومجيئي أنا حراماً؟! السبب الذي أدخلني منزل حميدتي ذات السبب الذي أتى به هو أيضاً..! كانت المحاولات للتوسط بين الطرفين لوقف الحرب، وكانت هناك مبادرة مطروحة ومعلومة وكانت هناك مبادرة من طرفنا وأخرى من طرفهم، وكانوا يسعون بين الطرفين، ومناوي ذات نفسه كان يتحدث أنه عندما يأتي إلى البرهان يجدنا معه، وهو ذات السياق: الاتصال بهذا الطرف أو ذاك، وهو سياق تجنب الحرب وهي مجهودات معلنة وليست سرية لأننا كنا نصرح حولها باستمرار بوجود توتر ونحن نسعى لامتصاص ذلك التوتر بالتواصل مع الطرفين.

بتفاصيل أكثر ضعنا في صورة ما حدث معك وآخرين صباح 15 أبريل..

الحرب عندما اندلعت في 15 أبريل صباحا كان كل شخص في منزله في ذلك الوقت، والحقيقة حين انطلقت الرصاصة الأولى في المدينة الرياضية أجرينا اتصالاً بقيادة القوات المسلحة والدعم السريع، اخطرتنا قيادة قوات الدعم السريع بحصار الجيش للمدينة الرياضية، وطالبونا بالتحدث إلى قيادة الجيش لإيقاف التصعيد. تم اتصال بالبرهان، واتصل علي طه عثمان وأخبرني بأنه تحدث مع البرهان ونفى علمه بالحصار على المدينة الرياضية، وأنه سيجري اتصالات لوقف تلك المسألة، وطلب مني الذهاب إلى القيادة العامة لنلتقي البرهان هناك بطلب منه. وفي ذلك الوقت الحرب اندلعت في مناطق العاصمة المختلفة. أول ما تحركت اتصل علي طه عثمان مرة أخرى وأخبرني بأن ضرب النار انتشر في مناطق واسعة، واتفقنا ان نلتقي في مكان آخر، فاتفقنا أن نلتقي في منزل الهادي إدريس في كافوري بمدينة بحري. استطعنا أنا وطه الوصول إلى منزل الهادي إدريس، الواثق البرير ذكر أن سيارته تعرضت للضرب بالرصاص ولم يستطع الوصول، ياسر عرمان لم يستطع الخروج من نمرة 2، وصلنا أنا وطه والهادي إدريس ذكر أن المنطقة ملتهبة فمن الأفضل أن نبحث عن مكان بديل، وذهبنا إلى مكان آخر، وتركت سيارتي في منزل الهادي إدريس، بعد هذا الحديث بفترة تعرض منزل الهادي إدريس لضربة موجهة لأن الضربة ليست قذيفة عشوائية بل كانت ضربة محددة، لذلك الواضح أن الجهة التي نفذت الضربة وصلتها معلومات أننا متواجدين مع بعضنا البعض لذلك استهدفت المنزل للقضاء على كل من فيه، لكن في وقتها ذهبنا إلى منزل آخر.

متى اتخذت قرار الخروج من الخرطوم، وكيف جرت الترتيبات؟

السبب الأساسي في مسألة الخروج هو صعوبة الظروف وقتها من الضرب في الخرطوم وانقطاع الكهرباء والإنترنت والاتصالات والمياه، بالتالي حركتنا وعمل أي شيء كانت محدودة للغاية، ونحن كنا نعمل لبناء جبهة مدنية للتصدي للحرب وضرورة التواصل مع الطرفين، لكننا وجدنا أنفسنا مكبلين بالوضع في الخرطوم وسائر الآن في كل البلاد، وقررنا الخروج لنستطيع أن نعمل من الخارج، في ذلك الوقت الظروف الأمنية نفسها كانت صعبة فاتفقنا على عدم الخروج مع بعضنا البعض، أي شخص يتصرف بطريقة مختلفة، وفي النهاية التقينا في أوغندا واستضافنا الرئيس الأوغندي يوري موسفيني في اجتماع وأعلنا عبره خروجنا، لكننا خرجنا عبر طرق مختلفة.

القوى المدنية تتمادى في الوقوف في المكان الخطأ.. على الأقل من وجهة نظر تيار عريض اليوم..

هذا نتاج حملات التشويه التي استندت على الكذب؛ بأننا أشعلنا الحرب ونقف مع طرف من الأطراف، هذه هي الدعاية الأساسية. نحن ليس في استطاعتنا توفير الأموال الضخمة التي يستخدمونها في انشاء الشبكات والقنوات لكننا سنهزمهم بالاتساق في المواقف والتجارب، وأننا لم ننحاز لأي من الأطراف وضد الحرب باستمرار ونسعى لإيقافها. عندما بدأت الحرب كل الناس المصطفين في معسكر الحرب أو الذين لديهم قناعة بالحل العسكري محدودين، مع استمرار الحرب ازدادت الغبائن التي خلفتها الحرب، والناس نتاج ما تعرضوا له في الحرب أصبح لديهم غبينة بعدم الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، وتقلصت المساحة المدنية المناهضة للحرب، لكن مع طول أمد الحرب بدأت الحقائق تتكشف، الناس مرت بتجارب مختلفة أثبتت أننا لسنا منحازين لأي طرف من أطراف الحرب وفعلا نحن مع إيقاف الحرب، في النهاية التمسك بالموقف السليم أخلاقيا وسياسيا سيهزم الأكاذيب، نحن نعتقد أن موقفنا في النهاية سيلتف حوله الناس لأنه الموقف السليم أخلاقيا ومنطقيا وسياسيا.

لماذا تم الإعلان عن تحالف “صمود” بشكل سريع بعد الانفصال عن “تقدم”؟ لم العجلة؟ وماذا أنجز التحالف حتى الآن بهياكله المؤقتة؟

كان من الضروري الإعلان بشكل مباشر لعدم ترك الفراغ، وأن لا يؤدي موضوع فك الارتباط لشل الحركة المدنية المناهضة للحرب، لكن تم الإعلان عن هياكل مؤقتة تستمر في العمل إلى حين إخضاع كل التجربة لمراجعات سياسية وتنظيمية. الآن تلك المراجعات في خواتيمها لكن الهياكل المؤقتة أنجزت العمل دون حدوث فراغ. صمود تم الإعلان عنها يوم 11 فبراير بعدها بيوم أو يومين رئيس “صمود” ومعه وفد عقدوا اجتماع مع الاتحاد الأفريقي وتواصلوا مع الدول المختلفة، والبيانات متواصلة والأنشطة على الأرض من ندوات أو غيره انتظمت في جهات مختلفة، الهياكل المؤقتة التي استمرت لأكثر من شهرين استطاعت سد الثغرة والمراجعات السياسية والتنظيمية ستتم قريبا، وبعد ذلك الناس تنتقل إلى صيغة الهياكل الدائمة والإعلان عن التصورات والرؤى السياسية.

المهادنة مع الطرف الآخر وفك الارتباط بنعومة، بدت كما ولو أنكم تدخلون الملعب بورقتين؛ كما ولو أنكم تمارسون لعبة سياسية قديمة تعارف عليها السودانيون تحت مسمى “اذهب للقصر حبيسا..”.. لماذا كان الانفصال بينكم وجماعة تأسيس بلا مخاشنة؟

بداية النقاشات بيننا كانت من قاعدة واحدة؛ أن هناك قضية وهي قضية الشرعية، كلنا اتفقنا أنه فعليا من بعد الانقلاب في 25 أكتوبر لا توجد شرعية، وفعليا الشرعية التي تدعيها حاليا سلطة بورتسودان لا تقوم على أي أساس، وأن تلك الشرعية تستخدم بطريقتها الحالية في إطالة أمد الحرب وتقسيم البلاد، نحن كنا ننطلق من ذات المنطلقات هذا بالإضافة إلى اشتراكنا حول رؤية “تقدم” لإنهاء الحرب. لكن التباين كان حول الأداء في مسألة التعامل مع قضية الشرعية، بعض رفاقنا في “تقدم” كانوا يرون أن تشكيل حكومة موازية يؤدي إلى منازعة الشرعية، والتباين كان حول هذا الموضوع لسببين الأول: نحن نعتقد أن القوى المدنية المناهضة للحرب يجب أن تحافظ على استقلاليتها من طرفي الحرب وعدم تطابقها مع أي طرف أو تتحالف مع أي جهة منهما لأنه يؤدي إلى زيادة الاستقطاب في الحرب وتعميقها. الشيء الثاني نحن كنا نعتقد أن منازعة الشرعية نفسها أداة لتشكيل الحكومة تؤثر على أولويتنا وهي توحيد القوى المدنية، حتى لو لم يذهب الناس في اتجاه تشكيل الحكومة في الأراضي الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع، وهناك من رأى ضرورة تشكيل حكومة مدنية خالصة في المنفى، نحن كنا نعتقد أن الحكومة المدنية الخالصة في المنفى ستؤدي إلى تقسيم القوى المدنية وتختلف حولها وحول مدى مشروعيتها، بالتالي إذا قامت الحكومة بأي دور في مسألة منازعة الشرعية ستشق الصف المدني بصورة أكبر، لذلك لم نتفق ورأينا أننا طالما لم نختلف حول الرؤية لإنهاء الحرب ولم نختلف حول عدم وجود شرعية الآن، وطالما نحن مختلفين حول الأدوات للتعامل مع تلك المسألة فلا معنى لانفصال عدائي، في نهاية المطاف نحن أصلا نفتكر أن الحرب ستقف عبر الحوار بين القوى المدنية المختلفة، بالتالي لا معنى لإفساد الأجواء ما بين القوى المدنية المختلفة بصراعات جانبية واختلاف في الأدوات، أي طرف يعمل ما يراه صحيحا من موقعه المستقل دون إنهاك أنفسنا وتشويشها بصراعات جانبية في قضية لم نتفق حولها، خاصة وأن الموضوع الرئيسي ليس وجود حكومة مدنية أم لا، إنما الموضوع الرئيس هو إيقاف الحرب، وهم يرون أنها الأداة لإيقاف الحرب وهذا تقديرهم ونحن رأينا أنها ليست الأداة السليمة ولدينا أدوات أخرى سنعمل عبرها ونواصل فيها مع التركيز على الهدف دون التباين مع أي طرف من الأطراف

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى