تدهور بيئة الحضانات… أي رعاية لأطفالنا؟
نهر النيل – لبنى عبد الله
في ظل استمرار الحرب بالسودان، وانهيار القطاع الصحي، تدهورت أوضاع الرعاية للأطفال حديثي الولادة الذين يعانون من مشاكل صحية، أو الأطفال المُعرضين للخطر.
وتهدف الحضانات إلى توفير بيئة آمنة ومناسبة لنمو الأطفال، مع توفير الرعاية الطبية اللازمة والاهتمام الاجتماعي.
محررة “أفق جديد”، غاصت في تفاصيل مبادرة شبابية أسهمت في توفير حضانة للأطفال بمستشفى مدينة “بربر” في ولاية نهر النيل، لسد النقص الحاد في المرافق الطبية بسبب التردد الكبير للأطفال حديثي الولادة.
تقول “روعة”، وهي أم لطفلة تسكن قرية “الدكة” بمدينة بربر لـ”أفق جديد”: “أنجبت ابنتي في المنزل وكانت مصابة بمرض اليرقان، وذهبت بها إلى مستشفى بربر، ونسبة لعدم وجود حضانة، تم تحويلنا إلى مستشفى (الشيخ البدري)، ولكن للأسف فقدت ابنتي حياتها”.
مبادرة منقذة
“نازك الحجاز”، امرأة متطوعة وناشطة في العمل الإنساني لمساعدة النازحين، اضطرت لمغادرة العاصمة الخرطوم بعد احتدام المعارك، واتجهت إلى مدينة بربر بولاية نهر النيل، قالت لـ”أفق جديد”: “في إطار اهتماماتي مع مجموعة من المتطوعين في معالجات القطاع الخدمي والصحي نفذنا زيارة إلى مستشفى بربر، ولاحظنا أن حضانات الأطفال حديثي الولادة موجودة داخل قسم العناية المكثفة للمرضى الكبار مما يعرض الأطفال لخطر الإصابة بالأمراض”.
وأضافت، “مع تزايد نسبة التردد العالي للأطفال حديثي الولادة من خارج المستشفى، الذين يحتاجون للعلاج جراء إصابتهم بالأمراض مع محدودية الحاضنات البالغ عددها 6 حضانات، يضطر الأطباء إلى تحويل الأطفال إلى مستشفيات خارجية وذلك يجعلهم عرضة لمضاعفات تصل لفقدانهم حياتهم في رحلة الانتقال من مستشفى إلى أخرى.
وتابعت: “كل هذه العوامل جعلتنا نفكر في إنشاء مبادرة لصيانة الحضانة الموجودة بالمستشفى، وتزويدها بكافة المتطلبات مثل جهاز التكيف وغيره، خاصة وأن الأطفال من الشرائح المهمة في المجتمع وأكثر هشاشة ويحتاجون الدعم والمساندة”.
وزادت بالقول: “في إطار العمل الإنساني تقدمنا بمقترح للمنظمات الداعمة لتوفير حضانة، وخزان مياه واستراحة لأمهات الأطفال بالقرب من الحضانة، وتجاوب الداعمون للمشروع”.
وأوضحت أن محلية بربر والأجهزة المختصة أبدت تعاونها مع المبادرة، مضيفة: “خاصة وأننا كمتطوعين وافدين للمدينة كنا نسعى لوضع بصمة كرد جميل لبربر التي احتوتنا”.
حفظ حياة
تكمن أهمية الحضانة في تخفيف مضاعفة المرض وحفظ حياة الأطفال حديثي الولادة في ظروف صحية جيدة، لجهة أنها تحافظ على بقائهم على قيد الحياة، وحال عدم وجودها يفقد الأطفال حيواتهم. وكشف موقع “كردفانيون” عن وفاة طفلين توأم بمدينة “أم روابة” بولاية شمال كردفان من مجموع 4 أطفال توائم بعد ساعات من ولادتهم جراء انعدام وجود حضانة، وإصابتهم بضيق في التنفس بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تجاوزت 40 درجة مئوية، وفشل جهود الأطباء في إسعافهم وذلك عقب تحويلهم إلى مستشفى كوستي، وافتقار المستشفى الحكومي إلى حاضنات مع ارتفاع أسعار الحضانات في المستشفيات الخاصة.
ويقول طبيب تحدث لـ”أفق جديد”: “سعر الحاضنة لمدة 24 ساعة يعادل 400 دولار”.
كما أفاد أطباء بمستشفى كوستي “أفق جديد”، أن “حالة الطفلين التوأم الذين على قيد الحياة حرجة جدًا”.
صورة إيجابية
من جهتها كشفت المدير الطبي لمستشفى بربر، بهجة الصادق، عن زيادة كبيرة في نسبة التردد على المستشفى للأطفال حديثي الولادة الذين يحتاجون إلى أجهزة التدفئة بالحضانة المعقمة وجهاز الأكسجين.
وأوضحت بهجة في حديثها لـ”أفق جديد”، أن عدد الحضانات داخل المستشفى تبلغ 6 حضانات فقط، وتمت صيانة حضانة أخرى بمبادرة من المتطوعين ليصبح العدد 7 حضانات، ما يسهم بصورة إيجابية في حماية الأطفال من المضاعفات التي تحدث بسبب تحويلهم إلى مستشفيات أخرى”.
وأشارت إلى صيانة موقع منفصل للحضانات الموجودة بقسم العناية المركزة للمرضى من كبار السن، عبر منظمة “صحة الأم والطفل”، بالتعاون مع وزارة الصحة الاتحادية ما يجعل الأطفال عرضة للإصابة بالأمراض والعدوى من الكبار.
وأضافت: “أغلب الحالات للأطفال حديثي الولادة تأتي إلى المستشفى بسبب ضيق التنفس، وأن الغالبية من الأطفال الذين في الحضانة تكون أمهاتهن مصابات بالأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري، ما يؤثر سلبًا على صحتهم ويجعلهم في حاجة مستمرة للمراقبة الطبية”.
وتابعت: “كذلك يصاب الأطفال حديثو الولادة بالالتهاب جراء تعرض الأمهات لنزول الماء قبل الولادة، أو بسبب ولادة الطفل ناقص في 7 أشهر، ونسبة التردد بلغت 30 حالة في شهر أبريل الماضي”.
نسبة تردد عالية
وكشفت مسؤولة قسم الإحصاء بمستشفى بربر، إقبال المكي، عن نسبة تردد عالية للأطفال حديثي الولادة بالمستشفى خاصة الذين يحتاجون إلى حضانات.
وقالت المكي في حديثها لـ”أفق جديد”: “بلغ عدد المترددين خلال العام 2024 119 طفلًا، وخلال العام 2025 وحتى شهر أبريل الماضي تردد حوالي 57 طفلًا من حديثي الولادة في حاجة إلى حضانات”.
وتقول دكتورة بهجة الصادق، إن “الحضانات تلعب دورًا حيويًا في خفض وفيات الأطفال حديثي الولادة، وتساعد في تحسين صحة وتطور الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة مع ملاحظة وجود 6 حضانات فقط قبل صيانة الحضانة الجديدة”.
وأشارت بهجة في حديثها لـ”أفق جديد”، أن “الحضانات الموجودة ليست كافية نسبة للتردد الكبير، وحال عدم توفر الخدمة نضطر إلى تحويل الأطفال إلى مستشفيات أخرى ما يعرض الطفل حديث الولادة للوفاة، لأن أغلب الأسر ترفض التحويل بالإسعاف لجهة أن الخدمة بمقابل مادي”.
وأوضحت أن “الأطفال الذين يحتاجون إلى حضانات تقل مدة حملهم عن 36 أسبوعًا، أو يعانون من قلة الوزن، ولا يستطيع الجسم ضبط درجة الحرارة، أو الأطفال المرضى الذين يحتاجون إلى المراقبة الدقيقة خاصة المصابين بمرض اليرقان والتهاب الدم والسحايا ومتلازمة الضائقة التنفسية لدى الأطفال الرضع”.
ونبهت دكتورة بهجة إلى أن “الدخول إلى الحضانة يساعد بالتحكم في درجة حرارة الطفل مثلما كان داخل بطن أمه”.
وأضافت: “الأمهات المصابات بأمراض الضغط والسكري غالبًا ما يكون أطفالهن في حاجة للحضانة، والأطفال حديثي الولادة الذين يحتاجون للحضانة نوعين: النوع الأول أن تكون الأم قد وضعت بالمستشفى ويكون الطفل تحت عناية المستشفى وظروف ولادته معلومة للأطباء، وهناك أطفال تتم ولادتهم خارج المستشفى ويحتاجون إلى حضانة وبالتالي ظروف ولادتهم لا تخضع للمراقبة الطبية وربما تعرضوا للجراثيم أو أصيبوا بأمراض ومضاعفات تؤثر على حياتهم، خاصة وأنه يتأثر بالعوامل الخارجية المتعلقة بالأم مثل البكتيريا ويكون في مرحلة الخطر، وهؤلاء تخصص لهم حضانة منفصلة عن الأطفال المولودين بالمستشفى، وهناك مواليد تتم ولادتهم في الشهر السابع من الحمل.. كل هؤلاء يحتاجون للبقاء داخل الحضانة”.
كما أفادت مصادر طبية بمستشفى بربر أن الفترات السابقة شهدت ترددًا كبيرًا للأطفال حديثي الولادة، وصل عددهم إلى 150 طفلًا داخل العيادة المحولة، مصابين بالالتهاب خاصة عند ارتفاع درجات الحرارة.