مواهب السيد .. لكن “قلوبهم غلف”
طاهر المعتصم
مصطلح القوات الصديقة اطلق على مليشيات جنوب سودانية كانت توالي الحكومة في صراعها المسلح في جنوب السودان، الذي انتهى للاسف بإنفصال جنوب السودان وفق اتفاقية نيفاشا 2005 بين عمر البشير وجون قرنق.
تحول الصراع من جنوب السودان الى غربه تصاعد خلال نفس الحقبة الزمنية وإن كانت 2003 مرحلة لافتة، نظام الرئيس المعزول البشير اعاد في دارفور ما قام به في جنوب السودان، مستعينا بمليشيات محلية عربية ضد المليشيات الافريقية التي تحارب الحكومة في دارفور ابرزها مليشيا يقودها موسى هلال.
تقدر الامم المتحدة ضحايا الصراع في دارفور خلال تلك الفترة ب 300 الف شخص قد قتلوا، في سنوات لاحقة صعد نجم قائد للمليشيات العربية يمت بصلة القرابة لموسى هلال، هو محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، في العام 2012 بعيد اكتشف مناجم الذهب بجبل عامر في دارفور غرب السودان، اشتد الصراع بين ابناء العمومة (هلال –حميدتي) للسيطرة عليه، لم يتوقف الامر عند الذهب بل قام موسى هلال وقواته بعصيان الاوامر الحكومية،فيما تقارب حميدتي مع قيادات الجيش في دارفور.
تختلف المسميات التي تطلق على المليشيات العربية ما بين (حرس الحدود) وما بين (الجنجويد) مصطلح (الجنجويد) مصطلح شعبي اطلقه الضحايا على افراد المليشيات العربية الذين يمتطون الخيل في غاراتهم يحرقون القرى بعد نهبها.
في العام 2013 اصدر عمر البشير مرسوما رئسيا بتسمية المليشيا التي يقودها محمد حمدان دقلوا (حميدتي) قوات الدعم السريع وكان تبعيتها لجهاز الامن والمخابرات، حددت القوة وقتها بعدد 5000 فرد.
الرفض لتقنين المليشيا كان سبب في دخول بعض المعارضين للسجن مثل الراحل الامام الصادق المهدي رئيس حزب الامة القومي وامام طائفة الانصار، الذي انتقد انتهاكات قوات الدعم السريع في 2014 ليتم توجيه اتهامات تقويض النظام الدستوري له وسجنه، وايضا السيد ابراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني السابق.
في اكتوبر من نفس العام 2014 تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي بغضب حادثة جلد العميد عصام مصطفى بواسطة الدعم السريع في مدينة الضعين شرق دارفور بغرب السودان، لم يحدث رد فعل من سلطات عمر البشير ضد الحادثة.
في جلسة برلمانية عقدت في العام 2017 اتى بعض جنرالات الجيش يحملون مسودة قانون قوات الدعم السريع، نائبة برلمانية واحدة هي السيدة مواهب السيد صوتت بالرفض، بينما رئيس لجنة الامن والدفاع الفريق احمد امام التهامي قال (ان قوات الدعم السريع كان لها دور واضح في حفظ الامن والاستقرار في ولايات دارفور وكردفان والنيل الازرق) مشروع القانون ينص على تبعية قوات الدعم السريع للقوات المسلحة والعمل تحت قيادتها.
بعد اعلان البشير المشاركة في التحالف العربي في اليمن فيما عرف بعاصفة الحزم، دفع بقوات مشتركة من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في التحالف الذي تشارك فيه المملكة والامارات ودول اخرى، مما اكسب قوات الدعم السريع احتكاك خارجي ووفر لقيادتها علاقات اقليمية.
في ديسمبر 2018 انطلقت تظاهرات واسعة ضد نظام عمر البشير والاخوان الحاكم، كان اللافت تموضع قائد الدعم السريع في موقف الحياد ورفضه قمع المتظاهرين السلميين، في 11 ابريل 2019رفض الانضمام لإنقلاب القصربقيادة وزير الدفاع الجنرال ابن عوف، ليظهر ضمن المجلس العسكري بقيادة الجنرال البرهان في اليوم التالي 12 ابريل 2019.
بعد حوالي شهرين في الثالث من يونيو 2019 وقعت مجزرة فض اعتصام القيادة العامة للجيش السوداني في حوالي 18 مدينة بالتزامن تم فض اعتصامات المدنيين، وجهت الاتهامات لقوات الدعم السريع وقادة عسكريين.
بعد وساطات دولية واقليمية تم توقيع اتفاق (الوثيقة الدستورية) في 17 اغسطس 2019 بين المجلس العسكري بقيادة الجنرال البرهان وعضوية حميدتي وبين القادة المدنيين، في اول اجتماع بين المكون العسكري والمكون المدني اصر قائد الجيش على ان يكون حميدتي الذي اضحى يحمل رتبة الفريق نائب لرئيس مجلس السيادى الانتقالي المشكل حسب (الوثيقة الدستورية)
توسعت سلطات قائد الدعم السريع خلال سنوات الانتقال فرشت امامه السجادات الحمراء وعزف السلام الجمهوري، سيطر على كثير من موار البلاد واهمها الذهب عبر احدى الشركات التابعة له (الجنيد)، كان الجنرال البرهان وزملائه من الجنرالات يدافعون عنه ويصفونه بحامي الحدود عندما تخرج التظاهرات منددة بالمكون العسكري هاتفه( العسكر للثكنات والجنجويد ينحل).
اندفع حميدتي في محاولات شراء الزمم واهداء السيارات لقيادات الادارة الاهلية، في نفس الوقت تولى كبر مهاجمة الشركاء المدنيين تمهيدا للانقلاب عليهم، خارجيا كانت القشة التي قصمت ظهر البعير زيارة حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة لموسكو ولقاء الرئيس الروسي بوتين عشية الهجوم الروسي على اوكرانيا، واعلانه تأيده للموقف الروسي.
بدأت بوادر الخلاف بين الرجل الاول البرهان والرجل الثاني حميدتي تدب، كان للشركاء المدنيين القدح المعلى في نزع فتيل الازمة عدة مرات بحسب القيادي في الحرية والتغيير بابكر فيصل في ندوة بمدينة القضارف شرق السودان مايو 2021
في 25 اكتوبر 2021اعتقل اعضاء مجلس مجلس السيادة من المدنيين وبعض الوزراء ووضع رئيس مجلس الوزراء د عبدالله حمدوك قيد الاقامة الجبرية، واصبح حميدتي في معية البرهان يقودون البلاد، ماهي الا شهور وعادت الخلافات بين الرجلين، واشتدت الازمة الاقتصادية وجمدت عضوية السودان في الاتحاد الافريقي، جرت وساطات عدة وتمخض تاتمر عن وثيقة اللجنة التسيرية لنقابة المحاميين التي تطورت لتصبح ما عرف بالأتفاق الاطاري بين العسكريين والمدنيين، النظام السابق عبر قيادتع ناصب الاتفاق الاطاري العداء وهدد بواسطة بعض قيادته مثل انس عمر بإسقاطه، نقطة الخلاف كانت الترتيبات الامنية لدمج الدعم السريع في الجيش، خاصة بعد قرار اصدره البرهان ابان شهر العسل بينهما بالغاء تبعية الدعم السريع للجيش.
صبيحة الخامس عشر من ابريل اشتعلت حرب الخرطوم بين الجيش السوداني وحليفه السابق الدعم السريع، بعد حوالي العام والنصف ما زال الصراع المسلح مستمر مخلفا اكثر من 2 مليون لاجئ وحوالي 9 مليون نازح.
انقسم اهل الإسلام السياسي ما بين مؤيد للجيش وهم غالبيه وما بين جزء مؤيد للدعم السريع
صناعة المليشيا وتضخيمها وانقلاب السحر على من صنعها وعلى من حالفها، دفع ثمنه الموطنيين الابرياء العزل نهبا وقتلا وتشريدا قسريا، هل يتوقف الامر ام هناك سيناريو لتقسيم السودان.
كاتب صحفي سوداني