دوامة الموت في الجزيرة

  • يواجه السودانيون انماطا من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، بشكل منهجي ونمطي في حرب ١٥ ابريل فاقت في وحشيتها وهمجيتها حروب القارة الافريقية كافة، وشملت فيما شملت القتل والاغتصابات والاعتقالات والتعذيب للمدنيين وأسرى الحرب، والاعدامات خارج نطاق القانون، وجرائم ترقى للإبادة الجماعية مثلما حدث في ود النورة وقرى الجزيرة وشرقها وولايات دارفور.
    • لقد عانى مئات الألاف من السودانيين من عمليات السلب والنهب للمتلكات والمنازل، وتم تطبيق سياسة الأرض المحروقة لتفريغ المدن والقرى، كما تم ضرب البنيات الأساسية للخدمات من مياه وكهربا واتصالات، وتدمير مقار المؤسسات الحكومية والأعيان المدنية، والقصف العشوائي بالمدافع والطائرات المسيرة والحربية، وكلها بغير استثناء تندرج تحت تعريف القوانين المحلية والدولية لجرائم الحرب، وللجرائم الموجهة ضد الانسانية.
    • وحاليا يواجه عشرات الألاف من النازحين في شرق الجزيرة ومختلف انحائها، كوارثا كبرى جراء هجمات الدعم السريع الانتقامية الوحشية، في أعقاب انضمام القائد ابو عاقلة كيكل للقتال في صفوف القوات المسلحة منسلخا من الدعم السريع، وبلغت الحملة الانتقامية مبلغا يستدعي تحركا عاجلا لتدارك الضحايا، الذين صارت الموت يتخطفهم حتى صارت اعلانات الوفاة تشمل عائلات وأسر بأكملها.
    • إن الماسأة التي تفيض بتفاصيلها وسائل التواصل الاجتماعي كل صباح، بأنباء العشرات ان لم يكن المئات من الموتى من مختلف الأعمار، والتي أحالتها لساحة عزاء كبيرة يتبادل فيها اهل السودان التعازي على فقدائهم وشهداء هذه الحرب الهمجية، لا تجد اهتماما يليق بفداحتها وتتم وسط اهمال دولي من كافة المؤسسات الدولية المعنية بحماية المدنيين يرقى لدرجة التواطؤ.
    • لقد دارت دوائر الموت بمناطق شرق الجزيرة، وفي غضون اسابيع اختطف الموت اعدادا كبيرة من الفارين من الحرب، وبأرقام قاربت ٦٠٠ متوفي وسط تضارب حول أسباب هذه الوفيات، فثمة أقوال انها نتيجة لتفشي حمى الضنك، وأقوال أخرى تنسبها لتفشي الكوليرا والاسهالات المائية، بينما سادت موجة ذعر في اعقاب تداول شائعات عن تسميم مصادر المياه والغذاء بواسطة قوات الدعم السريع، دون أن تستطيع جهة رسمية واحدة تأكيد حقيقة ما يحدث للمواطنين، بسبب عدم القدرة على الوصول لتلك المناطق، في ظل شح وانعدام للأدوية والمعينات الدوائية، وانهيار تام في الخدمات الصحية، ويحدث كل ذلك وسط اهمال من منظمة الصحة العالمية وكافة الجهات الاقليمية ذات الصلة، وضعف مريع في عكس حقيقة ما يدور وتغطيته اعلاميا، بسبب تواصل وتمدد الهجمات الانتقامية والعمليات العسكرية في هذه المناطق.
    • إن هناك فراغا كبيرا في عكس ما يدور داخل البلاد من كوارث، كما أن هناك أدوارا مفقودة للقوى المدنية، التي تكشف وتعرض الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيين العزل جراء هذه الحرب، وتستنهض الجميع ليقفوا ضدها بما تستحق، ولعل ذلك الفراغ هو السبب الرئيسي في ضعف التفاعل والاهتمام الخارجي بما يدور في السودان، الطريق للتصدي للحرب وعقابيلها يبدأ بإدانة جرائمها والمتورطين فيها ومحاصرتهم داخليا وخارجيا، وهذه هي الحلقة المفقودة.
    • إن تحركا سودانيا جماعيا للضغط على كافة الجهات الإقليمية والدولية بات مطلوبا، لوقف العمليات العسكرية لأسباب انسانية بات واجبا، فذلك هو السبيل الوحيد لفتح مسارات لإيصال الغذاء والدواء، ووصول المساعدات الطبية العاجلة للألاف من ضحايا الحرب من النازحين الذين يواجهون ويلاتها، ولغل أيدي جنود الدعم السريع، الذين يستبيحون القرى والمدن ويشيعون جرائمهم بحق المدنيين، في مختلف المناطق التي تشهد تصعيدا من قبلهم، ولوقف هجمات الطيران العشوائية من قبل الجيش والتي يتساقط المدنيين جراءها، قبل ان تدمر هذه الحرب ما تبقى من البلاد وانسانها.

وائل محجوب

كاتب صحفي ومحلل سياسي معتمد لدى العديد من القنوات الفضائية العربية وله مساهمات نظرية في القوانين المنظمة لمهنة الاعلام، وقدم العديد من أوراق العمل والبحوث في محاصرة خطاب الكراهية وأخلاقيات مهنة الصحافة عمل مديرا لتحرير صحيفة الأيام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى