سؤال المبتدأ، جواب الخبر؟!

"الحكومة الموازية"، هل تفلح في منع مشروع التقسيم الإخواني للسودان؟

الجميل الفاضل
الجميل الفاضل

الجميل الفاضل ما الذي يحدث؟

مشروع التقسيم الإخواني:

بات السودان قاب قوسين أو أدني من إنقسامه الثاني، بعد خروج دولة جنوب السودان في العام (2011)، من رحم الوطن الأم، علي يد الحركة الاسلامية، وترجح مؤشرات قوية بروز حكومة أمر واقع «موازية» أخري في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» مطلع العام الجديد، بموازاة الحكومة التي تتخذ من مدينة بورتسودان عاصمة إدارية مؤقتة لها تحت إشراف وحماية الجيش، تلك الحكومة التي تبسط سلطتها على نحو سبع من ولايات السودان الثمانية عشر، الي جانب إلى بعض المدن، ومناطق معزولة أخري في ولايات متفرقة، بما في ذلك العاصمة الخرطوم التي يتقاسم نفوذ إدارتها الجيش وقوات الدعم السريع.

والي ذلك لخص نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، الهادي إدريس الدوافع لتشكيل «حكومة مدنية» في السودان، في انتزاع الشرعية عن حكومة بورتسودان، التي عيّنها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان.

وكشف إدريس أن الغرض من الحكومة المقترحة هو قطع الطريق «أمام خطط الإسلاميين الرامية لتقسيم البلاد، وأيضاً لعدم ترك صوت السودان للجبهة الإسلامية لتتحدث باسمه.

وقال إدريس، إنهم ماضون في تشكيل الحكومة، وإن القرار بتشكيلها لا رجعة فيه، وشدد على أنهم لن يتخلون عن تشكيل الحكومة إلاّ إذا قرر طرفا الحرب الذهاب إلى المفاوضات لإنهاء القتال.

قائلاً: «نحن مع خيار تشكيل الحكومة، ونعتبرها خطوة مهمة لوقف المشروع الإخواني الهادف إلى تقسيم السودان».

لكن كيف تكون؟

مكون أم مكونان:

المهم كانت أحزاب سياسية وحركات مسلحة، تتبع لتحالف “تقدم” المناهض للحرب، قد إنخرطت مؤخرت في مشاورات بالعاصمة الكينية نيروبي لبحث مسألة تشكيل الحكومة المرتقبة، بمشاركة ممثلين لقوات الدعم السريع.

في وقت اشارت فيه مصادر لصحيفة “الشرق الأوسط”، أن الحكومة الموازية يمكن أن تعتمد الوثيقة الدستورية الموقعة بين قادة المجلس العسكري الانتقالي وتحالف «الحرية والتغيير» في 17 أغسطس من العام 2019، والتي تنص على مشاركة السلطة بين العسكريين والمدنيين، دستوراً يحكم العلاقات بين مكوناتها.

ونسبت الصحيفة لمصادر أن الحكومة المزمعة قد تتكون من مجلس سيادي ومجلس وزراء. 

بيد ان مصادر أخري تحدثت لوكالة «رويترز» للانباء، تقول إن الحكومة المزمعة ستكون مدنية بالكامل ومستقلة عن قوات «الدعم السريع»، لكنها تنسق معها على الإطلاع بالدور العسكري والأمني.

فيما أكد مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، إبراهيم مخير، أنهم سيدعمون الأطراف السياسية والمدنية في سعيها لتشكيل حكومة «موازية» في السودان، عاصمتها الخرطوم.

ومتي تعلن؟

إبتزاز الإسلاميين؟

رجحت تكهنات واسعة إحتمال الإعلان عن هذه الحكومة مطلع العام الجديد، حيث قطع الهادي ادريس بأن فكرة نزع الشرعية وتكوين حكومة فكرة قديمة؛ باعتبار أن حكومة الثورة هي الحكومة الشرعية، وليس حكومة الانقلاب، إلا أنه انتقد ما أسماه تلكؤ القوى المدنية في تشكيل الحكومة بقوله إن «القوى المدنية لم تكن تملك الشجاعة الكافية لملء المقعد الشاغر».

وأرجع ادريس ذلك إلى ما أسماه «ابتزاز الخطاب الدعائي للإسلاميين».

من هم أبرز المرشحين للحكومة المرتقبة؟

عبدالباري، الميرغني، صندل، وسعيد:

قالت مصادر مقربة أن الحكومة المزمعة قد تتكون من مجلس سيادي ومجلس وزراء، علي أن يتم البناء علي أعضاء مجلس السيادة السابقين: محمد الحسن التعايشي، والهادي إدريس، والطاهر حجر، في مجلس السيادة المزمع إعلانه. 

إضافة لمشاركة كل من إبراهيم الميرغني من «الحزب الاتحادي الديمقراطي»، وسليمان صندل من «حركة العدل والمساواة»، وأعضاء مدنيون آخرون أبرزهم أسامة سعيد من حزب «مؤتمر البجا» المعارض، ووزراء سابقون أبرزهم وزير العدل السابق نصر الدين عبد الباري، في الحكومة التنفيذية، فضلا عن أسماء أخري ذات ثقل ووزن، من داخل “تقدم” وخارجها، ربما يماط اللثام عنها فقط، قبيل الإعلان الرسمي عن التشكيل الوزاري.

وأين يومئذ المستقر؟

والي أي عاصمة ستتجه البوصلة؟

كل ما يرشح الي الآن علي الأقل، يشير إلي مدينة “الخرطوم” كمقر للحكومة الموازية الوليدة.

بيد أن تطورات الأوضاع الأخيرة علي الأرض، والعسكرية الميدانية منها علي وجه الخصوص، ربما ترمي بالبوصلة الي عاصمة أخري أبعد من مسارح المواجهات، تكون أكثر أمنا واستقرارا، لتصبح هي العاصمة البديلة، للحكومة المرتقبة.

من في الوراء

التقسيم حلم اخواني قديم:

يبدو، أن حلم “الإخوان” القديم، في إيجاد موطيء قدم مهما صغر، لتطبيق نموذج إخواني غير “مدغمس”، حتي لو بالاستمرار دون يأس، في لعبة تفكيك دولة السودان، وتقطيع أوصالها، بغية الحصول علي رقعة أرض أعلي خصوبة، وأكثر قابلية، تصلح لتطبيق “الفكرة الإخوانية” بحذافيرها.

طبقا للمواصفات التي أعلنها المخلوع البشير في خطاب بمدينة القضارف قبل إنفصال الجنوب، في العام (2010)، مجددا تمسك الدولة بحدود الله، والشريعة الاسلامية، وتطبيق كافة الحدود دون مجاملة أو حرج، على كل من يتعدى حدود الله، قائلا: “إذا حدث إنفصال للجنوب، لا قدر الله، فان الدستور سيعدل فيه كل شيء كان يخص الجنوب، وسنبعد منه كل (العبارات المدغمسة) لتصبح الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، والإسلام هو الدين الرسمي للدولة، واللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، ولا مجال للحديث، عن دولة متعددة الأديان، والأعراق، والثقافات”.

هذا الفردوس المفقود، الذي كان يحلم به البشير بات يتمثل اليوم في “دولة النهر والبحر”، النسخة المحدثة والمطورة من “مثلث حمدي” أرض الأحلام التي تم الترويج لها انذاك علي نطاق واسع وعلانية.

علي أية حال في ظني أن جماعة “الإخوان” بزعامة الترابي، ظلت تُخطط لفصل جنوب السودان من أمد بعيد، باعتباره مصدر يعيق بوجوده الجغرافي والديمغرافي، تطبيق حلم إقامة النموذج الإخواني في أرض السودان.

وهو المعني الذي عبر عنه بدقة الشيخ عبدالحي يوسف في ندوته الأخيرة التي اثارت جدلا كبيرا، والتي أكد فيها ان أهل جنوب السودان لا يشبهون أهل شماله في شيء، مبررا بذلك فصل الحركة الإسلامية للجنوب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى