المجموعة السودانية لمناصرة اللاجئين.. تحية مستحقة
حيدر المكاشفي
بدأت أزمة اللاجئين السودانين الأخيرة (هناك موجات لجوء سابقة) كما معلوم منذ اندلاع حرب القذارة والنتانة منتصف أبريل 2023، وبسبب زيادة العنف وتفاقم الأوضاع الإنسانية، اضطر ملايين السودانيين لمغادرة ديارهم ومساكنهم طلبًا للأمن والأمان والسلامة، وتوزعوا ما بين نازحين داخل البلاد ولاجئين بدول الجوار مثل مصر وتشاد ودولة جنوب السودان وإثيوبيا ويوغندا وكينيا وليبيا وأفريقيا الوسطى، وما تزال هذه الحرب الكارثية التي قاربت عامها الثاني وتتأهب لولوج الثالث بكل بشاعتها وشراستها، تدفع كل يوم بالمزيد من النازحين واللاجئين، وبالأرقام والشواهد والأدلة الميدانية التي لا تكذب بلغ الحال بالسودانيين جراء هذه الحرب مبلغًا غير مسبوق في كل الحروب، حيث أنتجت أكبر أزمة إنسانية وأكثرها تدميرًا في العالم. فبالإضافة إلى الموت المجاني والمجاعة وتفشي الأوبئة وتدمير البنية التحتية، وغير ذلك من الانتهاكات لحقوق الإنسان الأساسية، فإن ما يعادل ثلثي السكان، بحسب تقرير لليونسكو منهم 16 مليون طفل، سيحتاجون هذا العام إلى مساعدات إنسانية، وثلاثة ملايين طفل دون سن الخامسة معرضون للموت بسبب تفشي الأمراض المميتة، وأن 16.5 مليون طفل، أي جيل كامل تقريبًا، أصبحوا فاقدي التربية في المدارس، وحوالى 12.1 مليون امرأة وفتاة وعددًا متزايدًا من الرجال والفتيان والأطفال معرضون لخطر العنف الجنسي المنتشر في السودان اليوم. ويقول التقرير إن «العنف الجنسي في السودان يُستخدم لإذلال شعب بأكمله وإرهابه والسيطرة عليه وتفريقه وإعادة توطينه قسرًا»، وأن الصدمة التي يعاني منها الأطفال جراء ما يصيبهم من أذى جسدي ونفسي ستخلف ندوبًا عميقة لن تنتهي بتوقيع وقف إطلاق النار أو اتفاق سلام. وأن كل هذه الانتهاكات تحدث في السودان وهو يشهد انهيارًا لسيادة القانون وإفلاتًا تامًا من العقاب. وتؤكد مجريات هذه الحرب التي يتساقط فيها يوميًا عشرات المدنيين العزل وتدمر فيها الممتلكات العامة والخاصة أنها حرب على الناس والمتضرر الوحيد منها هم المواطنون، وأن العنف ضد المدنيين ليس مجرد نتيجة ثانوية للصراع، بل هو جوهر شن هذه الحرب في جميع أنحاء السودان! وأن الآثار المدمرة للحرب تتفاقم بسبب القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية إما عمدًا أو نتيجة للشلل البيروقراطي أو إنعدام الأمن أو انهيار الحكم، وهكذا يظل المدنيون في السودان بلا حماية، يتعرضون للقصف والحصار والاغتصاب والتشريد، وهم محرومون من الطعام والرعاية الطبية والكرامة، ولكن بعد كل هذا الانهيار شبه التام للدولة ورغم كل الكوارث والمآسي والفواجع، إلا أن المجتمع السوداني لم ينهار ولم يتفكك وبقي صامدًا ومتماسكًا، ونهض وشمر السواعد لملء الفراغ الذي تركته الدولة من خلال إقامة المطابخ العامة المعروفة محليًا بـ(التكايا) ولجان الخدمات وأطباء الطوارئ ومجموعة مناصرة اللاجئين ووقفة المغتربين.
لقد تناول الكثيرون تجربة التكايا وأطباء الطوارئ ولجان الخدمات ومساهمات المغتربين، هذه التجارب العظيمة التي نهضت بدور كبير في تغطية وسد الفراغ الذي خلفته الدولة نتيجة لعجزها أو لا مبالاتها بمعاناة الناس والاستماع لأناتهم وتوجعاتهم أو الاثنين معًا، غير إن هناك تجربة في مجال الدعم والمؤازرة والمناصرة الإنسانية تستحق الانتباه لها والتنويه بها ودعمها وتشجيعها، هي تجربة المجموعة السودانية لمناصرة اللاجئين، فقد تكونت هذه المجموعة فيما أذكر نهايات العام الماضي 2024 بجمهورية مصر، وبدأت التجربة بمجموعة خيرة من أبناء الوطن ممن يمتلكون حساسية عالية تجاه القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان الأساسية، وبدأت التجربة بمبادرة شتاء دافئ بتوزيع عدة ألوف من البطانيات على اللاجئين السودانيين بمصر، وكان على رأس هذه المبادرة كل من البروف صديق تاور والأستاذ صلاح جلال والمصروسودانية الأستاذة أسماء الحسيني (الشريفية)، وربما آخرون فليعذروني لعدم ذكرهم، ومن هذه المبادرة انطلقت وانداحت مبادرات ومشاريع أخرى تم تنفيذها بنجاح كبير، وقامت التجربة بالأساس على العمل الجماعي وتكامل الأدوار، ونجحت فيه بشكل كبير.. واسمحوا لي هنا وبمناسبة الحديث عن المجموعة السودانية لمناصرة اللاجئين السودانيين، أن أنقل لكم ما كتبه باختصار مدير المكتب التنفيذي للمجموعة عنها.. (تعلمون منذ أن تنادينا لهذا الواجب الوطني ونحن نعمل معاًً بروح الفريق وقدرات الجماعة، يد وسط الناس والأخرى فى البناء والتأسيس للمجموعة، هذه التحركات البسيطة والمتعددة التى إنجرناها معًا من مبادرة شتاء دافئ بتوزيع عدة ألوف من البطانيات على اللاجئين السودانيين بمصر، وسلة الصائم وسط اللاجئين فى مصر وشرق تشاد إلى الإفطارات الجماعية فى شرق تشاد وأوغندا وإثيوبيا وتأسيس المراكز الصحية في شرق تشاد والمنصة الإلكترونية للأطباء الاختصاصيين، الغرض من كل هذا النشاط رسالة أساسية للمجتمع السوداني عامة، نحن معًا، مهما كانت الظروف يد واحدة، إذا انهارت الدولة ووصلت إلى مرحلة العجز التام تجاه مواطنيها نقوم بكل ذلك لنقول ونثبت للواقع صحيح فشلت الدولة ولكن لم يفشل المجتمع فى مواجهة تحدياته. ومهمتنا الأساسية ليست إشباع الناس وحمايتهم فقط ولكن المهم استنهاض روح التحدي والمقاومة في المجتمع على مستوى القواعد الشعبية وتنظيمه ليمسك بأطراف مأزقه التاريخي ويبقى على قدر التحدى، كلنا معًا سنعبر وننتصر، التحية لكم أولاد وبنات السودان فى الداخل والخارج وأنتم تقدمون النموذج والمثال للمقاومة المدنية، سنختم هذه المناشط بمناشدتكم جميعًا تحصيل زكاة الفطر من مجتمعاتكم الصغيرة وإرسالها لأطفال اللاجئين فى المعسكرات، وسيتم صرفها بإشراف المشايخ وفق مصارفها الشرعية لتتوافق الشعيرة مع الحاجة الإنسانية لنعطي الأمل ونهب الفرح للأطفال فى معسكرات اللجوء وأسرهم المتعففة التحويلات لنفس العناوين السابقة لأهل الخير2، التى سنقوم بإعادة نشرها عليكم ونعلن لكم بأننا نتقبل زكاة الفطر إلى يوم ٢٨ رمضان فقط لنضمن وصولها فى موعدها لمستحقيها).. ولكم أنتم أيضًا في المجموعة تحية مستحقة.