أسعار غذاء قياسية وجرحى بلا علاج في الفاشر

في الفاشر ناهز سعر جوال البصل 240 ألف جنيهاً وسعر كيلو لحمة الضأن

16 ألف جنيه حسب بيان صادر عن الغرفة  سعر جوال الأرز العادي في شمال دارفور 180 ألف جنيه وعبوة الزيت الكبيرة

110 ألف جنيه حسب بيان الغرفة  بحسب تقديرات المفوضية الأممية قتل 832 مدنياً في الفاشر منهم ما لا يقل عن  190 امرأة وطفل مع إصابة مئات آخرين

 

 

 

 

 

 

 

أفق جديد

لا تزال مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، تئن تحت وطأة الحصار الطويل، ما أدى إلى الحرمان من الخدمات الضروريات الأساسية كالغذاء والماء والدواء والاتصالات.

ومؤخرًا، كثّفت قوات الدعم السريع من استخدام طائرات مُسيّرة استراتيجية من طراز (Long Wing 2)  صينية الصنع في استهداف مواقع مدنية وعسكرية داخل مدينة الفاشر، ما أدى إلى مقتل أعداد كبيرة من المدنيين وإجبار الآلاف على الفرار.

وتسعى قوات “الدعم السريع” للسيطرة على الفاشر لكونها آخر المدن في إقليم دارفور غير الخاضعة لسيطرتها، بعد أن سيطرت منذ أواخر العام 2023 على ولايات جنوب ووسط وغرب وشرق دارفور.

وكشفت غرفة طوارئ الفاشر عن ارتفاع كبير في أسعار السلعة الاستهلاكية حسب المسح الذي أجري خلال شهر فبراير الجاري، حيث بلغ سعر جوال البصل، 240 ألف جنيه، وكرتونة “المكرونة” 75 ألف جنيه، وجوال العدس 160 ألف جنيه.

وحسب بيان صادر عن الغرفة، تلقته “أفق جديد”، فإن سعر كيلو لحمة الضأن 16 ألف جنيه، وكيلو لحمة الأبقار 12 ألف جنيه، وجوال الأرز العادي 180 ألف جنيه، وجوال أرز (كبسة) 160 ألف جنيه، عبوة الزيت الكبيرة 110 ألف جنيه، ظرف ملح صغير ألفي جنيه، جوال فحم 75 ألف جنيه، جوال دقيق زنة 25 كيلو 145 ألف جنيه.

وطبقا لغرفة الطوارئ، فإن سعر جوال السكر الكبير بلغ 300 ألف جنيه، كرتونة صلصة علب 75 ألف جنيه، كرتونة صابون (أوكسي) 74 ألف جنيه، برميل المياه 3 ألف و5500 جنيه.

يقول المواطن حسين عبد الله (55) عامًا، “الأوضاع صعبة داخل المدينة بسبب الحصار الطويل، وأسعار السلع الغذائية تتضاعف يوميًا”.

وأوضح عبد الله في حديثه لـ”أفق جديد”، “انقطاع الكهرباء وشح المياه داخل الأحياء السكنية، أصبح أمرًا عاديًا”.

وأضاف، “نستخدم أجهزة الإنترنت الفضائي (ستار لنك) بدلا عن شبكة الاتصالات التي ظلت مقطوعة منذ حصار المدينة، وليس لدينا خيار غير البقاء أملًا في فك الحصار وعودة الحياة إلى طبيعتها”.

من جهتها تقول المواطنة، حليمة آدم (45) عامًا إن “الأوضاع داخل المدينة سيئة للغاية. حفرنا أنفاق تحت الأرض خوفًا من القصف العشوائي”.

وأضافت حليمة في حديثها لـ”أفق جديد”، “شح الغذاء والماء والدواء يهدد حياتنا، وأطفالنا يعانون من الأمراض”.

بدورها تقول عبير دينار (37) عامًا: “الوضع داخل مدينة الفاشر سيئ للغاية. ولا أستطيع الحصول على الطعام الكافي لأطفالي”.

وأضافت عبير في حديثها لـ”أفق جديد”: “اضطررت لبيع الأثاث المنزلي من أجل شراء بعض السلع الغذائية الأساسية”.

وتابعت: “أملنا رفع الحصار عن مدينة الفاشر وتعود الحياة إلى طبيعتها”.

وحسب تقرير الصادر عن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، صدر مؤخرًا، أن الفاشر وما حولها في شمال دارفور، أشارت تقديرات المفوضية إلى مقتل 832 مدنيًا، منهم ما لا يقل عن 79 امرأة و111 طفلًا، وإصابة 1678 آخرين، منهم ما لا يقل 45 امرأة و36 طفلًا، منذ مايو 2024، لأن طرفي النزاع شنّا مرارًا غارات جوية وقصف مدفعي كثيف على البنية التحتية المدنية.

وأضاف، “على سبيل المثال، قصفت قوات الدعم السريع مخيم أبو شوك للنازحين داخليًا في الفاشر في مناسبتين منفصلتين على الأقل، في 22 مايو و27 أغسطس 2024، مما أسفر في البداية عن مقتل 24 شخصًا، منهم ما لا يقل عن 8 أطفال وامرأتان، وإصابة ما لا يقل عن 30 آخرين، وقيل إن الهجمات شُنت لاستهداف قائد من فصيل منشق عن جيش تحرير السودان – جناح عبد الواحد ينتمي إلى قبيلة الفور، ويُزعم أن هذا القائد كان موجودًا داخل المعسكر”.

وتابع، “وفي ثلاث حوادث منفصلة في يوليو 2024، سقطت عدة قذائف مدفعية على سوق المواشي والأحياء المحيطة به في الفاشر وقيل إن قوات الدعم السريع أطلقتها، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 43 مدنيًا، منهم فتّيان وفتاة واحدة، وإصابة ما لا يقل عن 97 آخرين، وفي 26 سبتمبر 2024، تعرض السوق نفسه والأحياء المحيطة به لقصف بقذائف مدفعية قيل إن قوات الدعم السريع أطلقتها، مما أسفر عن مقتل 27 مدنيًا منهم 5 أطفال و4 نساء”.

ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين، بمن في ذلك العاملون في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل فيها 80% من القوى العاملة في البلاد، نتيجة لتوسع نطاقها مصحوبا بالهجمات العشوائية على المدنيين.

وفاقمت الحرب من حدة الأزمة الإنسانية في إقليم دارفور، خاصة في مخيمات النازحين، إثر تسبب الاشتباكات الناجمة عنها في تعطيل وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم.

وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.

‏وأُنشئت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة.

ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

من جانبه دعا الناشط الإنساني، صلاح التوم، إلى إنهاء الحصار عن مدينة الفاشر، وفتح المعابر الحدودية لتوصيل الإغاثة للمحتاجين.

وأوضح التوم في حديثه لـ”أفق جديد”، أن المجتمع الإقليمي والدولي، ينبغي أن يتحرك واتخاذ مواقف واضحة لحماية المدنيين، والسعي نحو تحقيق السلام في السودان.

وأشار إلى أن مدينة الفاشر تواجه نقصًا حادًا في المياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى الحاجة الماسة إلى بعض المستلزمات الأساسية الأخرى.

وأوضح أن النازحين في محيط مدينة الفاشر يواجهون المجاعة وأزمة إنسانية خطيرة، والجميع يعاني من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء بسبب توقف توزيع المساعدات الغذائية من الهيئات والمنظمات الدولية.

وأفاد شهود “أفق جديد”، أن القصف المدفعي المتواصل على المدينة أدى إلى خروج جميع المستشفيات والمرافق الصحية عن الخدمة.

وقال يوسف فخر الدين، وهو أحد المتطوعين بمستشفى الفاشر التعليمي “لجأ السكان إلى حفر خنادق داخل المستشفيات وتحويلها إلى مرافق طبية مؤقتة لعلاج المرضى”.

وأوضح فخر الدين في حديثه لـ”أفق جديد”، إن “الأنفاق داخل الأرض تمت حمياتها بأكياس الرمل والحاويات وتحويلها إلى ملاذ آمن للمرضى والجرحى”.

وأضاف، “المرافق الصحية في المدينة تضررت بشكل كبير إثر البراميل المتفجرة والقصف العشوائي، ما دفعنا إلى التنسيق مع  إدارة المستشفى لإنشاء ملاجئ تحت الأرض وتحويلها إلى مراكز طبية طارئة”.

وفي يناير الماضي، قُتل ما لا يقل عن 70 شخصًا، وأُصيب العشرات في قصف صاروخي بطائرة مُسيّرة استراتيجية أطلقتها قوات “الدعم السريع” صوب مستشفى “السعودي” بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأكد المدير العام بوزارة الصحة في ولاية شمال دارفور، إبراهيم خاطر، في تصريحات إعلامية – وقتها – مقتل ما لا يقل عن 70 شخصًا وإصابة 100 آخرين جراء قصف المستشفى الوحيد الذي كان يعمل في الولاية.

وظل مستشفى “السعودي” بمدينة الفاشر يتعرض باستمرار للاستهداف من قبل الدعم السريع، مما أدى إلى تدميره وخروجه عن الخدمة، باستثناء تقديم الإسعافات الأولية لجرحى القذائف المدفعية.

ويعاني المرفق الطبي من نقص حاد في الكوادر الطبية، كما أن معظم الأدوية، لا سيما المحاليل الوريدية، قد انعدمت تمامًا.

وقال رئيس حركة جيش تحرير السودان بولاية شمال دارفور، محمد آدم أحمد، إن قوات الدعم السريع استهدفت في 15 أبريل 2023 مستشفى الفاشر للأطفال في القطاع الشرقي من المدينة، وأخرجت النساء الحوامل من غرف الولادة، كما أخرجت الأطفال من أقسام العناية المكثفة.

وأوضح أحمد في حديثه لـ”أفق جديد”، إن السلطات الصحية اضطرت لنقل المستشفى من الاتجاه  الشرقي إلى الجنوبي في حي “الوحدة” داخل مستوصف أحمد بابكر نهار، لكن التدوين وصل إلى هناك، كما أُستهدف المستشفى الجنوبي ومركز صحي سيد الشهداء والمستشفى التعليمي.

وأضاف: “آخر الاستهداف طال مستشفى (السعودي) بمسيرات استراتيجية قتلت أكثر من 70 من المرضى والمرافقين وجلهم من النساء والأطفال”.

وتابع: “قوات الدعم السريع استهدفت المصدر الرئيسي للمياه في الفاشر في خزان قولو، وحدث تلوث في مياه في الخزان”.

وأشار إلى أن القوات المعتدية، استخدمت سياسة الأرض المحروقة دمرت المدارس ودور الإيواء والطرق ومنازل المواطنين والثروة الحيوانية بشكل ممنهج وليس عشوائي بهدف التغيير الديمغرافي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى