صحيفتان أمريكيتان: ترامب سعى لإذلال رئيس جنوب أفريقيا

 صحيفتان أمريكيتان: ترامب سعى لإذلال رئيس جنوب أفريقيا

كشفت صحيفتا نيويورك تايمز وفورين بوليسي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعمّد إهانة رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا خلال لقائهما، في سلوك يعكس عنصرية علنية. 

ركز ترامب على مزاعم غير مثبتة عن “إبادة جماعية” يتعرض لها البيض في جنوب أفريقيا، عارضًا مقاطع مضللة، ومتجاهلًا قضايا حقيقية مثل النزاع في غزة والانتهاكات في السودان.

ربطت الصحيفتان  سلوك ترامب بخطاب عنصري أوسع تجاه أفريقيا، وعدائه للتنوع، معتبرتين أن ما حدث يمثل تكرارًا لنهج رؤساء أمريكيين سابقين سعوا لتهميش غير الأوروبيين.

يخلص التقرير إلى أن صحيفتا نيويورك تايمز وفورين بوليسي الأميركيتان اتفقتا على أن الرئيس دونالد ترامب سعى لإذلال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا خلال لقائهما في المكتب البيضاوي، في مشهد يعبّر عن عودة إلى خطاب عنصري علني.

وتجاهل ترامب للملفات الأساسية بين البلدين، وركّز بدلاً من ذلك على مزاعم غير موثوقة حول “إبادة جماعية” يتعرض لها البيض في جنوب أفريقيا، مستندًا إلى معلومات مضللة.

 

صحيفتان أمريكيتان: ترامب سعى لإذلال رئيس جنوب أفريقيا

25 مايو 2025

 

اتفقت صحيفتان أمريكيتان على أن الرئيس دونالد ترامب عندما استقبل نظيره من جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا بدا ساعيًا إلى إذلاله، في ما يشير إلى عودة إلى العنصرية العلنية التي اتسم بها رؤساء الولايات المتحدة السابقون.

كان عنوان نيويورك تايمز مواربًا قليلًا، إذ يشير إلى أن “ترامب لم يرد صفقة في المكتب البيضاوي، بل أراد إذلالًا”، في حين كان عنوان فورين بوايسي صريحًا بأنه “لم يعد بإمكاننا تجاهل عنصرية ترامب الصارخة”.

وصفت نيويورك تايمز -في مقال لكاتبة العمود ليديا بولغرين- اللقاء الذي عقد بين الرئيسين بأنه “غريب”، مشيرة إلى أنهما يشتركان في العديد من الأمور، فكلاهما رجل أعمال ثري وصل في مرحلة متأخرة من حياته إلى أعلى منصب في بلده، وكلاهما بنى سمعته القوية على موهبة عقد الصفقات.

حقق ترامب سمعته في مجال العقارات والفنادق والكازينوهات والشقق الفاخرة، أما رامافوزا فكان المفاوض الرئيسي في المحادثات التي أنهت نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وحقق لحزبه، المؤتمر الوطني الأفريقي، هذا الإنجاز بفضل موهبته الاستثنائية في إيجاد أرضية مشتركة واستعداده لاتخاذ خيارات صعبة وتضحيات كبيرة لتحقيق السلام مع عدو لدود، كما تقول الكاتبة.

 خيال عنصري

جاء رامافوزا بمواهبه الكبيرة إلى المكتب البيضاوي لعقد صفقة ما مع الرجل الذي يعتبر نفسه ملك الصفقات، ولكن ترامب استغل الاجتماع للتركيز على ما وصفته الكاتبة بأنه “خيال عنصري عن معاناة البيض في جنوب أفريقيا من الإبادة الجماعية على أيدي أغلبية سوداء”.

وذكرت الكاتبة أن الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا لديهما خلافات عديدة للتفاوض حولها، مثل قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل، والرسوم الجمركية، وخفض واشنطن للمساعدات، لكن ترامب -حسب الكاتبة- كان يخطط لشن هجوم على رامافوزا.

فقد عرض ترامب مقطع فيديو لزعيم حزب معارض يقود حشدًا فيه هتافات تقول “اقتلوا البوير. اقتلوا المزارعين”، لدعم وجهة نظره بأن البيض يواجهون إبادة جماعية في جنوب أفريقيا. ولكن الكاتبة رأت في عرضه تضليلًا، لأن السياسي المذكور الذي كان زعيم جناح الشباب في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي طرد منذ زمن بعيد من الحزب.

وخلصت ليديا بولغرين إلى أن ترامب ربما يكون قد نال ما أراده من الاجتماع، لكنه لم يحرز نجاحًا يذكر في مجال إبرام الصفقات في الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أن وعده الانتخابي بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في اليوم الأول من رئاسته اصطدم بتصلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأن جهوده لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإنهاء المذبحة الوحشية في غزة باءت بالفشل، وأن طرحه الفوضوي للرسوم الجمركية لجلب أقوى الدول في العالم إلى بابه متوسلة الرحمة لم ينتج الكثير.

وكانت رؤية ترامب الخيالية تصور له -حسب الكاتبة- أن قادة العالم سيصطفون لتكريمه في مكتبه البيضاوي المذهّب حديثًا، مستعدين لطقس من الإذلال فرضه مرتين؛ أولًا على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والآن على رئيس جنوب أفريقيا.

ورغم كل أكاذيب ترامب وتهديداته، ظل رامافوزا هادئًا بشكل ملحوظ، وفي نهاية الاجتماع ذكر نظيره بأن جنوب أفريقيا ستستضيف في وقت لاحق من هذا العام قمة العشرين. وقال إنه يأمل أن يحضر ترامب، في ما بدا تذكيرًا واضحًا بأن العالم يتغير بسرعة، كما تقول الكاتبة.

 سلوك عنصري

أما مجلة فورين بوليسي، فذهبت مباشرة إلى الموضوع، وقالت إن الاجتماع بين ترامب ورامافوزا شكّل عودة إلى العنصرية العلنية التي اتسم بها رؤساء الولايات المتحدة السابقون، وأشارت إلى أن ترامب كان يصعّد منذ أسابيع حملته ضد جنوب أفريقيا بتشجيع من مستشاره الملياردير إيلون ماسك المولود هناك.

وذكّرت الصحيفة -في مقال لكاتب العمود هوارد فرينش- بقطع واشنطن المساعدات ثم طردها سفير جنوب أفريقيا لديها، بذريعة ارتكابها “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان” ضد أفراد من أقليتها البيضاء، مشيرة إلى أن ذلك كان مقدمة لمعاملة ترامب الفاضحة لرامافوزا.

خفض ترامب أضواء المكتب البيضاوي لعرض لقطات زعم أنها تظهر مقابر جماعية لمزارعين بيض في جنوب أفريقيا ظلوا ضحايا إبادة جماعية مستمرة، ولكن الصحافة سرعان ما دحضت الأدلة المزعومة، وأظهرت أن الصور لم تكن من جنوب أفريقيا، بل من جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وكذلك دحض رامافوزا مزاعم ترامب بلطف -حسب الكاتب- واستدعى شخصيات بارزة من نسل المهاجرين الهولنديين، لتقديم شهاداتهم رفضًا لادعاءات الإبادة الجماعية، وللدعوة إلى علاقات أفضل مع واشنطن، ولكن ترامب لم يقرّ بخطئه، ولم يقدم أي عروض للمساعدة، وبدا سلوكه عنصريًا، حسب الكاتب.

وبعد التذكير بالظروف التي تعيشها جنوب أفريقيا، وانتشار الجريمة فيها، نبه الكاتب إلى أن هذا البلد لا يزال، بعد انتهاء نظام الفصل العنصري، متمسكًا بمبادئ “أمة قوس قزح” المتمثلة في المصالحة والتسامح.

ولكن ترامب الذي أظهر من خلال تعليقاته جهله العميق بجنوب أفريقيا ظل متمسكًا بإيمانه بوجود ضحايا من البيض على أيدي السود، ليتساءل الكاتب: لماذا هذا الهوس بالعرق؟ مشيرًا إلى أن كلمة إبادة جماعية لا ينبغي التلاعب بها في عالم يزخر بحالات عنف واضطهاد جماعي تفوق بكثير أي معاناة يواجهها البيض في جنوب أفريقيا.

 تحيز ضد السود

واستغرب الكاتب أن ترامب، الذي استنكر فقدان الأرواح بين الجنود الروس والأوكرانيين ووصفه بأنه “مريع”، التزم الصمت حيال القتل في السودان، كما سعى إلى تجريم معارضة قتل الجيش الإسرائيلي لأكثر من 53 ألف فلسطيني في غزة، وهو ما وصفته جماعات حقوق الإنسان والنقاد اليهود بأنه إبادة جماعية، كما أظهر لامبالاة صارخة بتدمير غزة بأكملها، وجمودًا في مواجهة محاولة إسرائيل الاستيلاء على المنطقة ونفي أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، وظل يتمسك بخيال غريب لتحويل غزة إلى تطوير عقاري حصري للأثرياء.

وخلص الكاتب إلى أنه من الصعب فهم كون القصص الملفقة عن مواجهة البيض من جنوب أفريقيا مصادرة الممتلكات والعنف هي الفظاعة الأخلاقية في الوقت الحالي، إلا من خلال تاريخ ترامب من العنصرية والتحيز ضد السود.

وتتفق افتراءات ترامب على جنوب أفريقيا -حسب الصحيفة- مع معاملته لأفريقيا بشكل عام، فهي قارة وصفها بأنها ممتلئة “بالدول القذرة”، كما تبدو مرتبطة بحملته الداخلية ضد التنوع في الجيش والحكومة والأوساط الأكاديمية وغيرها.

وخلص الكاتب إلى أنه استخدم كلمة “غريب” لأنه لم يجد صفات لوصف ما يحدث في الولايات المتحدة اليوم، من عودة إلى العنصرية العلنية التي مارسها رؤساء سابقون سعوا إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء في ما يتعلق بالاعتراف بفضائل الأشخاص من أصل غير أوروبي وحقوقهم، وهو أمر يخالف كلمات إعلان الاستقلال التي تعلن أن جميع الناس خلقوا متساوين.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى