حادثة “شمبات”.. ودماء المدنيين
وائل محجوب
• فقدت مدينة شمبات على إثر غارة جوية خاطئة أرواح ثلة من خيرة بنيها، كانوا في حلقة ذكر بعد أدائهم صلاة الجمعة بمسجد أمة الإجابة، وما يزال البعض ممن أصيبوا في الغارة في المستشفى تحت العناية المركزة لخطورة حالاتهم، من بينهم الشيخ عبدالسلام أحمد الصديق، أمام المسجد.
• وهذه الغارة الجوية الخاطئة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، في سياق هذه الحرب المدمرة، والفقداء ليسوا أول الضحايا من المدنيين ولن يكونوا آخرهم للأسف، فغالب ضحايا هذه الحرب هم من المدنيين، الذين كتب عليهم لأسباب مختلفة أن يبقوا في نطاق مناطق القتال والاشتباك، بعدما عجزوا عن مغادرتها.
• ومن المؤسف إنه ليست هناك جهة تعير الخسائر البشرية المكلفة لهذه الحرب اهتماما، بما في ذلك أطراف الصراع العسكري سواء الجيش الذي لم يصدر بيانا حتى حول هذه الحادثة الأخيرة وما سبقها من حوادث، أو قوات الدعم السريع التي تمارس قصفا عشوائيا على المناطق المأهولة بالسكان.
• لقد نص البروتوكول الإضافي الثاني الملحق باتفاقيات جنيف التي تم إقرارها في١٢ أغسطس ١٩٤٩م والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية، في الباب الرابع المتعلق بالسكان المدنيين في المادة (١٦) على الآتي:
“يحظر ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية، أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب، واستخدامها في دعم المجهود الحربي، وذلك دون الإخلال باتفاقية لاهاي الخاصة بحماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح والمعقود في ١٤ مايو ١٩٥٤م”.
• وقد شهدت هذه الحرب التي تدور وسط المدنيين في المدن والقرى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا من المدنيين، جراء القصف الجوي من قبل الجيش، الذي يستهدف مواقع وجود قوات وعناصر الدعم السريع، التي تتحصن بالمؤسسات الحكومية ومنازل المواطنين وسط الأحياء السكنية، وجراء استخدام المسيرات والقصف المدفعي من قبل قوات الدعم السريع، الذي يستهدف الأحياء السكنية والمواقع العسكرية بشكل متواصل، وقد فقد المئات إن لم يكن الآلاف حياتهم بسبب هذه الهجمات التي لا تتوقف يوميا، وآخرها القصف المدفعي وهجمات المسيرات التي استهدفت المنطقة العسكرية بكرري، وأحياء الثورات المختلفة.
• إنّ التعامل مع الضحايا من المدنيين باعتبارهم خسائر أو أضرار جانبية للمعركة هو فعل خاطئ، ويضر بالأساس القانوني لقواعد الاشتباك المحلية والدولية، التي تجرم الاعتداء على المدنيين والأعيان المدنية، ويحمل القانون بوضوح الجهات المعتدية المسؤولية عن هذه الجرائم المخالفة للقانون الدولي الإنساني والقوانين المحلية.
• نسأل الله الرحمة والمغفرة لجميع فقداء هذه الحرب، ولفقداء مدينة شمبات، وأن ينزلهم منزلة الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، والأمنيات لجميع الجرحى من مصابي الحادثة بالشفاء العاجل.